ثوب الإعارة لا يُدفّي.. وحكومة بـ″الإعارة″ لا تحمي!!… غسان ريفي

إنتهت ″بروفة″ الفتنة الطائفية والمذهبية والحرب الأهلية في لبنان، بعدما إطمأن القائمون عليها أن الجميع ما يزال مستعدا لها، شرط توفير المناخ الملائم، والشرارة الكفيلة بإشعالها.

وضعت ″البروفة″ الملعونة أوزارها، وتنافس المتنافسون في التعبير عن حبهم لبعضهم البعض، وعن حرصهم على المقدسات وإحترامها، وعن الشجب والاستنكار لكل ما يهدد السلم الأهلي والعيش المشترك والوحدة الوطنية، وتناسى الجميع الأزمات التي تعصف بلبنان، وتقضّ مضاجع اللبنانيين بطالة وفقرا وجوعا.

مع بزوغ فجر أمس، كان اللي ضرب ضرب واللي هرب هرب، بعدما أنجزوا مهماتهم من أعمال شغب وتكسير وإعتداء، ومن نفخ في بوق الطائفية والمذهبية عبر الاساءة الى الأديان والمقدسات والرموز، وفي ترجمة ذلك باشتباكات إستخدمت فيها الأسلحة الرشاشة بين مناطق أعادت إحياء محاورها وخطوط تماسها، لتتدخل العناية الإلهية مرة جديدة وتحول دون سقوط ضحايا، لكن ليس في كل مرة تسلم الجرة..

يمكن القول إن ما شهده يوم 6 حزيران 2020، ساهم بإسقاط الجميع بدون إستثناء، من السلطة الى الثورة الى التيارات السياسية والأحزاب وأنصارها الى شعارات الوحدة الوطنية والعيش المشترك، وذلك بعد أن ثبت بالوجه الشرعي أن لبنان الذي يواجه إنهيارا إقتصاديا وماليا يهدد أبناءه بالبطالة والفقر والجوع، لا يمتلك أية مناعة تحميه من الانزلاق الى الفتنة أو الى الحرب الأهلية التي تبين أنها ما تزال تستوطن النفوس، وأن لحظة تخل طائفية أو مذهبية من شأنها أن تعيد عقارب الساعة الى الوراء 45 سنة من دون أن يرف للبعض جفن.

كذلك، فقد كشف يوم 6 حزيران 2020، أن ثمة هوة سحيقة بين الشعب اللبناني وبين سلطته الحاكمة التي تستشرس دفاعا عن مكاسبها ومصالح المحسوبين عليها، وتمعن في خرق الدستور، وفي إستنزاف مقدرات البلد وتقاسمها، وتعجز في الوقت نفسه عن الدفاع عن مواطنيها سياسيا وأمنيا وإقتصاديا وإجتماعيا، وقد لاحظ كثيرون أن هذه السلطة كانت الغائب الأبرز عن ساحات المواجهات ليل أمس الأول ما يؤكد أنها غارقة في سباتها العميق.

عندما بدأت بيروت تلملم جراحها في سبت 6 حزيران، أطل رئيس الجمهورية ميشال عون عبر “تويتر” ليدين التعرض للمقدسات الدينية ويستنكر الاعتداءات وأعمال العنف، وسارع رئيس الحكومة حسان دياب الى السير على خطاه في الادانة والاستنكار، في حين أن الادانة والاستنكار ليسا من مهام “فخامته” و”دولته” اللذين يفترض بهما أن يسارعا الى المعالجات المطلوبة، وأن يبادرا فورا الى دعوة مجلس الدفاع الأعلى للانعقاد، وأن يطلبا من الأجهزة الأمنية والقضائية التحرك والتحري لمعرفة أصحاب الفتنة والنافخين فيها لتوقيفهم وإعلان أسمائهم، وتقديمهم الى محاكمة عادلة ليكونوا عبرة لمن يعتبر.

كما لا يجوز أن يقف لبنان على شفير حرب أهلية وأن يظهر السلاح ويستخدم بشكل علني وأن يساء الى المقدسات والرموز الدينية وأن يعتدى على أزراق الناس، ثم يعلن الجيش اللبناني أنه أوقف أربعة أشخاص من تابعيات عربية، فيما العابثون بالأمن يسرحون ويمرحون بحمايات سياسية وأمنية تمعن في الاساءة الى العهد، وفي ضرب حكومته التي بدأ كثير من اللبنانيين يرون أنها تعمل كبدل عن ضائع، أو في الوقت الضائع، وأن ضعفها وعجزها يجعلها حكومة بـالإعارة، وكما أن ثوب الإعارة لا يُدفّي، فإن حكومة الإعارة لا تحمي!..


مواضيع ذات صلة:

  1. رئاسة الحكومة في مهب التنازلات.. وميقاتي يقرع جرس الانذار!… غسان ريفي

  2. الكل في الشارع المسيحي.. مأزوم!… غسان ريفي

  3. صراع سعد وبهاء يهدد الحريرية السياسية.. ويقدم خدمة للخصوم!!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal