لماذا عاد اللبنانيون الى الشارع؟… غسان ريفي

كل الأنظار تتجه اليوم الى ساحة الشهداء التي على عاتقها تقع مسؤولية إحياء ثورة 17 تشرين الأول بعد كل محاولات إستيعابها وإختراقها وشيطنتها وتخوينها وتقسيمها وإضعافها وصولا الى إخمادها، إلا أن جذوتها بقيت وهي عادت الى الاشتعال ردا على سلطة سياسية ليست في وارد التخلي عن أنانياتها ومصالحها ومكاسبها وهدرها وفسادها وعن إمعانها في التمسك بنهجها الذي أفلس البلاد وأفقر العباد.

سيعود اللبنانيون اليوم الى الشارع، ليصرخوا بأعلى أصواتهم ضد هذه السلطة من بعبدا مرورا بعين التينة وصولا الى السراي الحكومي، بعدما أيقنوا أن ما قبل 17 تشرين كان أفضل مما بعده، وأن الدولارات الستة التي رفضوا دفعها ضريبة على الواتساب قاموا بدفعها مئات الأضعاف بسعر غير مسبوق للدولار وغلاء يتوحش يوما بعد يوم، وأن الحكومة التي نجحوا باسقاطها في الشارع إستبدلت بحكومة “فوتوشوب” تخفي ضعفها وعجزها وفشلها بمستحضرات تجميل تغطيها لفترة ثم تظهر بشاعتها التي تنعكس سلبا على اللبنانيين الذين باتوا يشعرون أن مكشوفين سياسيا وأمنيا وإقتصاديا وماليا في ظل حكومة تقول ما لا تفعل وتتغنى بإنجازات غير موجودة، وتنسب لنفسها بطولات وهمية.

سيعود اللبنانيون الى الشارع اليوم، ليصرخوا بأعلى أصواتهم ضد مصارف تحتجز أموالهم بغير وجه حق، وضد “كابيتال كونترول” لم تصل الحكومة الى صيغة محددة حتى الآن لتشريع السطو على أموال الناس، وضد “هيركات” مقنع وغير مقنع، وضد مفاوضات تجري مع صندوق النقد الدولي الذي لا تأخذه رأفة ولا رحمة بالشعوب، وهو بات يتطلع الى الدولة اللبنانية باستخفاف نتيجة التخبط والتناقض في الأرقام التي وصلته بين وزارة المالية ومصرف لبنان، ما يجعل المساعدات التي قد يقدمها في علم الغيب، في حين لا أحد يعلم ما هو الثمن الذي سيطلبه وأي سياسة سيفرضها على لبنان وشعبه؟.

سيعود اللبنانيون الى الشارع، إحتجاجا على دخولهم نادي الفقراء، وعلى البطالة التي بلغت نسبا مخيفة حتى دخلت الى كل بيت، وعلى صعوبة تأمين أبسط مقومات العيش الكريم، ولمواجهة سلطة تكذب على شعبها، باصلاح مزعوم، وتغيير مفقود، ومكافحة فساد يزداد فحشا، وإستقلالية قضاء يرتمي بالأحضان السياسية، وإعتماد كفاءات غير موجودة إلا بالمحسوبيات، والتغني بإنجازات وهمية.

سيعود اللبنانيون الى الشارع للمطالبة بكشف النقاب عن ملفات الاتصالات والكهرباء والفيول المغشوش والسدود غير المجدية، والاملاك البحرية، والنفايات والسموم والمياه الملوثة، والبيئة المنتهكة، والطرقات والبنى التحتية.

ولعل أكثر ما إستفز اللبنانيين خلال اليومين الماضيين هو محاولة السلطة نفض يديها من مسؤولية ما يحصل، عندما قال رئيس الجمهورية للحكومة خلال جلستها يوم الخميس الفائت في قصر بعبدا، “لا أنا ولا أنتم سبب هذه الأزمة”، الأمر الذي سيضاعف من غضب المحتجين ومن مطالبتهم باسقاط هذه السلطة من رئيس الجمهورية الى رئيس الحكومة.

أما المحاولات التي تجري على قدم وساق لحرف الثورة عن مسارها بتسييسها وإدخال سلاح حزب الله عنصر إنقسام بين مكوناتها، فقد باءت حتى الآن بالفشل، وقد أعطت طرابلس أمس نموذجا عندما رفضت أن يكون السلاح شريكا مضاربا للمطالب المعيشية والحياتية.


مواضيع ذات صلة:

  1. رئاسة الحكومة في مهب التنازلات.. وميقاتي يقرع جرس الانذار!… غسان ريفي

  2. الكل في الشارع المسيحي.. مأزوم!… غسان ريفي

  3. صراع سعد وبهاء يهدد الحريرية السياسية.. ويقدم خدمة للخصوم!!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal