ماذا يريد المسيحيون من إتفاق الطائف؟… مرسال الترس

إستناداً إلى المواقف التي تُطرح بشكل شبه يومي أمام اللبنانيين بشكل عام، والمسيحيين على وجه التحديد وتطال الدستور اللبناني الذي يعتمد “إتفاق الطائف” قاعدة أساسية له، يتساءل المراقبون دائماً عما يطمح إليه المسيحيون في لبنان بصورة شاملة، والموارنة في الدائرة الضيّقة، و “غير الغرباء” منهم على وجه التحديد من هذه المسألة التي تحولت في الأسابيع الماضية إلى قضية جدلية بين مختلف الطوائف والمذاهب حول ما إذا كانت المُطالبة بتعديل الطائف هي في وقتها، أم أنها خارج مفهوم الحوارات التي لم ينجح اللبنانيون يوماً في إدارتها بين بعضهم البعض.

اللبنانيون الذين أطلقوا لبنان الكبير قبل مئة عام، لو كانوا يتوقعون ولو واحد بالمئة أن لبنانهم لن يَرقَى إلى مستوى الوطن في نظر أبنائه بعد قرن من الزمن، لكانوا أصرّوا على تركه جبلاً “يتناطح” فيه المسيحيون والدروز إلى ما شاء الله. ولكن يبدو أن القرار لم يكن بيد أولئك المُنَظرين، بل كان تحقيقاً لرغبة الأستعمار الفرنسي الذي لم يفكر يوماً – وكما كل المستعمرين – إلاَ بمصالحه. 

المسيحيون الذين تقدموا الآخرين في حُكم لبنان منذ الأستقلال على قاعدة أن المستعمر الفرنسي قد رسم خريطة هذه البلاد خدمة لوجودهم في هذا الشرق. (وعلى هذه الخلفية باتت فرنسا “الأم الحنون”). لم يضعوا في حسابهم أن الأخوة الأعداء سيتصارعون عشية الطائف ويتحولوا إلى أشلاء في الوطن، فيعتكفوا عن المشاركة في الأنتخابات النيابية ويصل عنهم نواب بأربعين صوتاً، بالرغم من أن بطريركهم نصرالله صفير قد غطى ذلك الأتفاق، لا بل أكثر من ذلك أستنكفوا عن الأنخراط في التركيبة الجديدة حرداً وأعتبروا أنفسهم خارج الدولة.

المسلمون السنّة صفّقوا للمولود الجديد في الطائف، معتقدين أنهم قد فازوا بـ “إمرأة القيصر” ليتبين بعد ثلاثة عقود ومن خلال إمساكهم برقاب السلطة التنفيذية أنهم قد أساؤوا لأنفسهم قبل الأساءة للآخرين، نظراً لما آلت إليه الأوضاع المالية والأقتصادية والمعيشية في بلد كان يظن نفسه متقدماً على بلدان رائدة في إدارة السياسات المالية على الطريقة الغربية، فأستقرت الدولة على حدود الأفلاس والجوع.

أما المسلمون الشيعة الذين رأوا أنفسهم خارج التركيبة التنفيدية في الأستقلال، وأنهم لم يحصلوا على حقوقهم كما يجب في إتفاق الطائف على خلفية أنهم المذهب الأكثر عدداً بين المذاهب الثمانية عشر في لبنان، بدأوا يتحدثون عن وجوب التفكير في المثالثة بالحكم، أو مؤتمر تأسيسي يوصل الجميع إلى ما يعتبرونه حقوقاً، وبالأمس تحدث المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان عن ضرورة إسقاط الطائف وما خلّفَه من تناحر طائفي ومذهبي علّ الجميع يصبحون سواسية في هذا الوطن.

بعض المسيحيين الذين شربوا من “حليب سباع” 14 آذار وإتكأوا على حرمان “الغرباء” من “هبرة اللحمة” سارعوا إلى شن الهجمات المنظمة على أي حديث عن إمكانية البحث في تعديل الطائف ولاقاهم البطريرك الماروني بشارة الراعي في إحدى عظاته برفض أية “عمليَّة لتطوير النِّظام حتى لا تؤدي إلى القضاء عليه”. فيما كان متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة  يتساءل لماذا “الآخرون يعاملوننا كالسامريين الغرباء، ترى هل قصّرنا في محبة وطننا وخدمته؟ أم عقدنا الصفقات المشبوهة ام ساهمنا في نهبه وافقاره؟ ام زرعنا الفتنة في شعبه”؟

والأنسب بين كل هذه الأفكار لدى المتابعين أن تعقد المذاهب المسيحية “مؤتمراً تنويرياً” تحدّد فيه ماذا تريد من هذا الوطن على أن تأخذ بعين الإعتبار كل المستجدات والمتغيرات!..


مواضيع ذات صلة:

  1. مَن يتّهم مسيحيي لبنان بالعمالة لاسرائيل؟… مرسال الترس

  2. عندما تختلط ″الكورونا″ اللعينة بالاعتبارات الموبوءة!… مرسال الترس

  3. هل يستطيع الحريري العودة الى السراي بعد مئة يوم؟… مرسال الترس


 

Post Author: SafirAlChamal