شهران حاسمان: هل تختفي سلعٌ غذائية من لبنان؟… عبد الكافي الصمد

يبدو البلد يعيش هذه الأيّام، في سباق غير واضح المعالم والنتائج، بين أمرين: الأول إنقطاع المواد الغذائية الأساسية من الأسواق في غضون شهرين مثلما توقع معنيون في الأمر؛ والثاني محاولة الحكومة ومصرف لبنان تأمين الأموال اللازمة من العملة الصعبة من أجل تأمين دعم إستيراد هذه السلع، والسلع الصناعية أيضاً، من الخارج.

منذ أشهر، وعلى خلفية تداعيات الأزمة المالية والنقدية في لبنان، بالتزامن مع إنعكاسات فيروس كورونا على اللبنانيين، وبالنظر إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية بشكل غير مقبول، واختفاء بعضها تدريجيا من واجهات السوبركات والمحال ومن المخازن والمستودعات أيضاً، كون لبنان يستورد قرابة 80 % من حاجياته الغذائية، كان هناك سؤال أساسي يطرح بشكل دائم ومتكرر، وهو: هل نكون أمام انقطاع للمواد الغذائيّة الأساسيّة من الأسواق؟.

نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي بقّ البحصة مؤخراً وحذّر بوضوح من “عدم التمكّن من إيجاد ما يكفي من الدولارات للقيام بتحويلات إلى الخارج لشراء مواد أساسيّة في غضون شهرين”، مثلما وعد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة التّجار بتأمين الدولار لهم.

وكشف بحصلي أن كلام سلامة يوضح بأنه “لم يشمل المواد الأساسيّة التي لا تشكّل أكثر من 20 في المئة من الحاجات، بل المواد الغذائيّة كافّةً”، مُشدّداً على أنّ “الدولارات التي سيؤمّنها مصرف لبنان يجب أن تشمل السلّة الغذائيّة الكاملة وليس المواد الأساسيّة فقط”، منبهاً من أنه “في حال وصلنا إلى الشحّ الكامل في الدولارات، سنكون أمام انقطاع للمواد الغذائيّة من الأسواق”.

تحذير بحصلي لم يتوقف عند هذا الحدّ، بل لفت إلى تحد هام يتعلق بالحفاظ على أمن لبنان الغذائي، “يتمثّل بعدم ترك أسعار السلع الغذائية الأساسية ترتفع بنفس نسبة إرتفاع سعر صرف الدولار في السوق، وذلك عبر توفير الدولار بسعر صرف أقل من سعر السوق، وكذلك توفير السيولة اللازمة لتأمين حاجات لبنان منها”.

ولكن كيف يتحقق ذلك، في وقت تشير المعلومات إلى شحّ غير مسبوق للدولار في الأسواق اللبنانية، وإلى “تهريب” العملة الصعبة إلى الخارج في هذا الزمن العصيب، من غير أن تقوم الحكومة أو مصرف لبنان بأي شيء أو اتخاذ أي خطوة لوقف هذا الإنهيار، ومنع التدحرج السريع نحو الهاوية؟.

مصرف لبنان سرّب في الآونة الأخيرة معلومات تفيد أنه سيصدر تعميمان في الساعات القليلة المقبلة: الأول يتعلق بدعم استيراد المواد الصناعية، أما الثاني فمرتبط باستيراد السلع الغذائية، وأنه سيضخ ملايين الدولارات لدعم استيراد المواد الصناعية والسلع الغذائية، وأنّه سيدعم هذه المواد والسلع على أساس سعر صرف 3200 ليرة لبنانية للدولار.

لكن اللافت في الأمر نقطتين: الأولى أنّ الدعم لن يشمل إلا بعض المواد والسلع فقط، وليس جميعها، ما يعني أنّ نقصاً فادحاً لكثير من المواد والسلع سيلاحظه الجميع قريباً؛ بينما النقطة الثانية تتعلق بشكوك حول تأمين الدولارات لهذه الغاية، وهي شكوك عزّزها كلام المستشار المالي لرئيس الحكومة جورج شلهوب، الذي لفت إلى “انخفاض كبير في السيولة، والبالغ 5.7 مليار دولار، بفعل الأموال التي خرجت من النظام المصرفي اللبناني في الشهرين الأولين من عام 2020″، متحدّثاً عن “عواقب سلبية كبيرة سيخلفها مثل هذا الإستنزاف الكبير في السيولة على الإقتصاد اللبناني”.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal