كيف يُمكن للبنانيين مكافحة ″جراد″ هذه الأيام؟… مرسال الترس

قرنٌ ونيّف مرّ على المجاعة التي ضربت الجسم اللبناني في خضم أحداث الحرب العالمية الأولى، فكأنه لم يكن يكفي “جبل لبنان” في حينه الحصار الذي فرضه القائد التركي جمال باشا (الذي لُقِّب بالسفاح) على المنطقة في العام 1915، ومنع بموجبه دخول أية محاصيل زراعية، وحال دون إيصال التحويلات المالية من المغتربين إلى ذويهم، حتى اجتاحت البلاد أسراب الجراد (الذي يوصف بإنه يأكل الأخضر واليابس) وإلتهمت المحاصيل الباقية لمدة ثلاثة أشهر متواصلة، الأمر الذي أفضى إلى موت نصف السكان!

في حينها أجمعت العديد من المصادر على أن البطريرك الماروني الياس الحويّك (الذي كانت له اليد الطولى في إنشاء لبنان الكبير) قد باع ممتلكات الكنيسة لإطعام الفقراء. وأن مطران طرابلس وتوابعها للطائفة المارونية أنطون عريضة (قبل أن يُصبح بطريركاً) رهن صليبه وخاتمه لإطعام جياع الحرب. (وتقول إحدى الروايات أن رهن الصليب كان سيتم لدى أحد وجهاء مدينة طرابلس الشيخ محمد الجسر الذي رفض وضع الصليب كرهن، وأقرض المطران حاجته لإطعام الجياع)!

وبعد قرن أقيم نصب تذكاري للمجاعة الكبرى 1915-1918  أمام جامعة القديس يوسف في بيروت لتكون ذكرى في أذهان أبناء البلد!

في خريف العام 2019 إنطلقت تظاهرات عفوية على الأراضي اللبنانية منددة بالضرائب والرسوم المتزايدة، ونهب مقدرات الدولة في ظل فساد لا مثيل له، مع بدء تسرُّب ودائع المصارف الى الخارج، فاستغلت المؤسسات المالية الفوضى وأقفلت أبوابها وقنّنت السَحب، ولم يَعُد في وسع أصحاب تلك الأموال الأستفادة من جنى العمر. فيما كانت أميركا تخنُق التحويلات المالية من الخارج.

وبينما الناس تخطّط للتصعيد، حلّت “نكبة” الكورونا اللعينة، متأبطة ذراع فلتان في إنهيار العملة اللبنانية. ليتبين أن السلطة التي هيمنت على مقدرات البلاد لثلاثة عقود متتالية، ورسمت أحلاماً زهرية “لمستقبل واعد”. وجد الجميع أنفسهم أمام مسؤولين وسياسيين يحذرونهم من إحتمال مجاعة جديدة (ولكن بجراد من نوع آخر)، داعين إياهم إلى الإسراع في استثمار أراضيهم التي غفلوا عنها كلياً عندما أبهرهم المسؤولون والسياسيون بـ “أفلام من كرتون الأوهام”.

مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان دعا في خطبة عيد الفطر الى “مكافحة الفساد عبر القضاء”، متسائلاً:”لماذا تراكم دين عام بلغ 90 مليار دولار”؟

البطريرك الماروني بشارة الراعي رأى في عظة الأحد أنه “لا يستطيع السياسيون اللبنانيون البقاء أسرى مصالحهم الخاصة ورؤيتهم وعداواتهم العتيقة والمتجددة”! 

راعي أبرشية بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة تطلّع الى “زمن يحكمنا فيه الاحرار بكل شيء الا من حُب الله والوطن”.

فهل تنتظرون أن يرفع اللبنانيون غداً تمثالاً لـ “جراد العام 2020 “، كي تترسخ ملامح الوجوه في ذاكرتهم للقرن التالي؟..


مواضيع ذات صلة:

  1. مَن يتّهم مسيحيي لبنان بالعمالة لاسرائيل؟… مرسال الترس

  2. عندما تختلط ″الكورونا″ اللعينة بالاعتبارات الموبوءة!… مرسال الترس

  3. هل يستطيع الحريري العودة الى السراي بعد مئة يوم؟… مرسال الترس


 

Post Author: SafirAlChamal