تأنيب حكومي للبنانيين.. ما علاقة التعبئة العامة باسرائيل؟!… غسان ريفي

لم يوفق وزير الداخلية العميد محمد فهمي في الربط بين عدم إلتزام اللبنانيين بمنازلهم خوفا من تفشي وباء كورونا وبين تقديم خدمة للعدو الصهيوني، كونه بذلك يوجه إتهاما لا يليق باللبنانيين الذين ضحوا بكل غال ونفيث على طريق مواجهة العدو وما يزالون.

ربما خانه التعبير إنطلاقا من حرصه على سلامة المواطنين أمام المخاطر المتزايدة من هذا الوباء وأمام الضغط الذي يتعرض له، أو ربما أراد التهويل على الناس فوقع في زلة لسان، لكن فاته أن عدم إلتزام الكثيرين ليس نابعا من حب التعرض للعدوى، بل هو نابع من حاجة معيشية ماسة ترخي بثقلها على العائلات التي وجدت أن خطر كورونا أهون بكثير من وحش الجوع، ومن الفقر الذي قال عنه الامام علي (كرم الله وجهه) “لو كان رجلا لقتلته” كما قال أيضا: “عجبت لمن لا يجد القوت في بيته فلا يخرج على الناس شاهرا سيفه”، حيث لم يشهر اللبنانيون سيوفهم بعد للحصول على لقمة العيش التي لم تعد متوفرة لديهم، بل إكتفوا بكسر جزئي لقرار التعبئة العامة سعيا وراء قوت يومهم.

كلام الوزير فهمي لم يختلف كثيرا عن “الارتجال” الذي بات سمة الحكومة التي يبدو أنها إستعجلت “إنجاز” مواجهة كورونا قبل أوانه.. فعوقبت بحرمانه، وأرادت الاستمرار في إرضاء تيارات سياسية معينة بإعادة المغتربين الى لبنان من دون أن تتخذ الاجراءات الصارمة التي إتخذتها في المرحلة الأولى على صعيد إجراء الفحوصات والالتزام بالحجر وعدم الاحتكاك بأي كان قبل 14 يوما، ما أدى الى تسرب بعض المصابين الذين نقلوا العدوى الى المجتمعات المحيطة بهم وتسببوا في إرتفاع الأعداد.

كعادته رئيس الحكومة حسان دياب، فقد رمي مسؤولية إرتفاع الاصابات بكورونا مجددا على الشعب اللبناني، متناسيا أن السواد الأعظم منه تحمل قرارات التعبئة العامة لشهرين متتاليين، ورضي بالحجر المنزلي، وصمت عن تقصير الحكومة في تأمين مقومات الصمود له، وفي فشل إيصال المساعدات الى الفقراء منه، وساهم في إلتزامه بالحد من إنتشار الوباء وفي منح الحكومة فرصة ذهبية لتسجيل الانجاز في خانتها، لكن تخبطها وتسرعها وتهاونها في الاجراءات المتبعة مع المغتربين أعاد الأمور الى نقطة الصفر.

على قاعدة من “ملأ سطل الحليب ثم رماه” تصرفت الحكومة في أزمة كورونا، وربما يكون الآتي أعظم، حتى بدأت من خلال بعض وزرائها تخرج عن طورها تارة بالتهديد وتارة بالوعيد وتارة بالتأنيب الى درجة التخوين وتشبيه عدم الالتزام بتقديم خدمة للعدو الصهيوني.

لم يكن ذلك الخطأ الوحيد الذي إرتكبه وزير الداخلية في حديثه التلفزيوني المقتضب، بل ثمة خطأ أكبر وهو تهديد اللبنانيين بـ”تجويعهم” من خلال إقفال كلي للسوبرماركت والأفران وغيرها في حال لم تنحصر الاصابات بكورونا، الأمر الذي أثار حفيظة كثير من المواطنين الذين ذكّروا الوزير فهمي وحكومته بأن “الدنيا رمضان” وبأنه لا يوجد سلطة مهما علا شأنها في البلاد تستطيع أن تمنع الناس من الخروج لتأمين حاجيات ما تبقى من الشهر الفضيل، داعين الحكومة والوزراء المعنيين الى أن “يكونوا أكثر واقعية وأكثر تواضعا، وأن يقوموا بواجباتهم تجاه اللبنانيين، خصوصا أن من يواجه الدولار بـ 4300 ليرة، والغلاء بنسبة 300 بالمئة، والانهيار الاقتصادي، والافلاس والأموال المحجوزة بالمصارف، والأمن المتفلت، لن تؤثر فيه إجراءات حكومية أو تهديدات وزارية لأن كورونا في هذا الاطار يصبح أهون الشرور”.



WhatsApp Image 2020-05-07 at 8.51.05 PM


مواضيع ذات صلة:

  1. صراع سعد وبهاء يهدد الحريرية السياسية.. ويقدم خدمة للخصوم!!… غسان ريفي

  2. ما بين بهاء وسعد.. حراك غامض وإحباط صامت!… غسان ريفي

  3. مصارفها خلف صفائح الحديد.. ماذا فعلت لكم طرابلس؟… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal