كورونا… والإقتصاد العالمي “مقاربة إسلامية”… بقلم: د. عبد الإله ميقاتي

أذكر في أواسط النصف الثاني من القرن الماضي، أن علماء الاقتصاد، كانوا يقولون بأن الاقتصاد العالمي، يخضع دائماً لنظرية العرض والطلب، وأنه يمر بمتغيّراتٍ متموّجة، تارة صعوداً حتى يبلغ أوجه في الازدهار، ثم يبدأ بعدها بالانحدار حتى يبلغ أدناه من الكساد والفقر. وأن المدة الزمنية لموجة كاملة تتراوح بين 35 و45 سنة، ويستشهدون على ذلك بالأزمات عامي 1929 و1973 وما سبقهما وما تلاهما من مؤشرات ودلالات ومتغيرات.

  1. الأزمة المالية عام 2008

كما أذكر أنني عندما كنتُ في زيارة خاصة إلى الولايات المتحدة الأميركية في العام 2001، لاحظتُ التضخم السنوي في الاقتصاد الأميركي، وخصوصاً في سوق العقارات وغيرها، وما رافق ذلك من التقسيط طويل المدى، وما ترافق معه من رهن عقاري، وتأمين وخلافه، ولاحظت أن الدولار النقدي يقابله ما يزيد على 20 ضِعفاً من الدولارات الوهمية بسبب الدورة المالية الواسعة، القائمة على الاستدانة والتقسيط طويل الأمد، وما يفرض ذلك من حصة أرباح كل طرف في هذه الدورة. كل ذلك جعلني أشعر أن أزمة اقتصادية تلوح في الأفق.

وهذا ما حصل، فقد انقلبت أزمة سوق الرهن العقاري إلى ركود اقتصادي سرعان ما تحولت إلى أزمة عالمية واسعة النطاق، انخفضت فيها أسعار العقارات السكنية بشكل ملحوظ، وزادت معدلات البطالة بسرعة فائقة. فقامت المؤسسات المالية بتخفيض معدلات الفائدة بخطوات متلاحقة، وقامت الحكومة الأميركية والأمم المتحدة، وعدد من المصارف الدولية بطرح الخطط الإنقاذية لتفادي الأزمة. ولم يُفلح كل ذلك بتحقيق الإنقاذ المطلوب. وفي أيلول عام 2008 أفلست الشركة المالية الكبيرة “ليمان براذرز”، وتهاوت أسعار الأسهم، وتراجعت البورصات العالمية، وكَثُرَ إفلاس المؤسسات في مختلف دول العالم، وطالت شظايا الأزمة البعيد والقريب في كل أنحاء المعمورة، بسبب الترابط القائم في الاقتصاد العالمي.

لم تُجْرَ بعد ذلك معالجات جذرية لأسباب الأزمة، وأهمها الديون والفوائد والرهون…. وارتفعت في حينها بعض الأصوات في الغرب، ليتبيّن أن جزءاً رئيساً من أسباب الأزمة هي الفوائد المرتفعة، وشروط الرهن المخالفة لمبادئ الاقتصاد الاسلامي ومنها بيع الرهن وتحريم الربا، وأن “النقود لا تلد نقوداً”. ومن هذه الأصوات من أظهر ذلك في مقالة بعنوان: “هل تأهلّت وول ستريت (شارع المصارف المشهور في نيويورك) لاعتناق الشريعة الإسلامية؛ والله تعالى يقول: “يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم…” (النساء – 29).

وفي أواسط العام الماضي وقبل انتشار فيروس الكورونا، كثرت التوقعات حول حدوث أزمة اقتصادية عالمية قريبة، سببها حدوث كسادٍ كبير متصاعد، وتراجع ملحوظ في فرص العمل بسبب دخول الأتمتة  في عدد كبير من الصناعات والخدمات، وحلول التكنولوجيا الحديثة والرجل الآلي مكان العامل في بعض الصناعات، ودخول الذكاء الاصطناعي والتطور العلمي الكبير في شتى المجالات. نتج عن كل ذلك الاستغناء عن نسبة عالية من الأيدي العاملة. ولم يتم توجيه الجامعات وسوق العمل نحو الاختصاصات الحديثة كما يجب. وتواكب ذلك مع ازدياد واضح في حدة النزاعات السياسية والاقتصادية بين أقطاب الاقتصاد في الدول العظمى المشاركين في منظمة التجارة العالمية وغيرها.

  1. أزمة كورونا

بدأت أزمة انتشار فيروس كورونا في شهر كانون الأول من العام الماضي في الصين، وتبعها انتشار واسع لم يسبق له مثيل في جميع دول العالم تقريباً، حتى وصل إلى السفن العملاقة في المحيطات. وترافق ذلك مع تغطية إعلامية واسعة وشاملة في جميع وسائل الإعلام في العالم، وفي وسائل التواصل الاجتماعي، مما جعل التعاطي مع هذه الأزمة في متناول الجميع. وكما تعدّدت التحاليل حول بدء انتشارها، وتتعدّد التوقعات اليوم حول استمراريتها، وزمان انتهائها، وحول إمكانية تجدّدها في الخريف أو الشتاء القادمين. ولكن يجمع المحللون أن ما بعد كورونا لن يكون كما قبلها. خصوصاً وأن الخسائر الاقتصادية الأولية قد زادت حتى الآن عن 5 تريليون دولار.

يتوقع المحللون إفلاسات كبيرة في مختلف دول العالم (قد تصل إلى 50% من المؤسسات في بعض دول الغرب)، سينتج عنها بطالة كبيرة، وتراجع كبير في القدرة الإستهلاكية وكساد في الاقتصاد، وغلاء في ظروف المعيشة. وستكون هذه الأزمة في المعايير الاقتصادية من أقسى وأصعب الأزمات في العالم الحديث.

وما شهدته أسواق النفط العالمية خلال هذه الأزمة في شهري آذار ونيسان، من صراع في الأسعار بين دول أوبك وروسيا بداية، أعقبها هبوط غيرُ مسبوقٍ تاريخياً في أسواق النفط الأميركية في 20 نيسان، بسبب تدني استهلاك النفط وتوقف معظم الشركات والمصانع ووسائل النقل، ليس سوى نموذجٍ عن ما يمكن أن نراه بعد انحسار الوباء، وبدء لملمة جراح الأسواق المالية والاجتماعية والاقتصادية. خصوصاً وأن ما يُنفق الآن على تداعيات ومعالجات المرضى قد بلغ أرقاما قياسية !!.

  1. تساؤلات ما بعد كورونا
  • هل ستتوقف المؤسسات المالية عن التعامل بالربا (أو الفائدة) إقراضاً وإيداعاً ؟ وقد تساءل بعض المراقبين عن ذلك عقب أزمة 2008 (كما ذكرنا)، وقد توقف عدد قليل من المؤسسات المالية في الغرب عن إعطاء الفوائد للمودعين (واستمرّوا في أخذها من المقترضين). وقد تشدّد الإسلام الحنيف في حرمة التعامل بالربا، تشدّداً لم يشابهه أيّ تحريمٍ نهى الله عنه، على الإطلاق. فقد شبهت الآيةُ الكريمة المودعين الذي يأخذون الربا بالذي أصابه الشيطان بالمس (الجنون): “الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المسّ، ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا، وأحلّ اللهُ البيعَ وحرّم الربا..” (البقرة – 275). ولم يتوعّد ربُّ العالمين أحداً من العالمين بحربٍ من الله ورسوله، إلا المتعاملين بالربا (آكله وموكله وشاهديه)، وذلك في قوله: “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقيَ من الربا إن كنتم مؤمنين*فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من الله ورسوله، وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تُظلمون” (البقرة – 278 – 279).
  • هل ستتوقف الدول العظمى وأغنياء العالم عن كنز الذهب والفضة؟ خصوصاً وأن معظم المتموّلين يعتبرون الذهب، تقليدياً، “ملاذاً آمنا” للاستثمار في ادخاره في زمن الأزمات الاقتصادية، وكذلك معظم الدول في اعتباره احتياطاً أساسياً في الملمّات. والله تعالى يقول: “والذين يكنزون الذهب والفضة، ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذابٍ أليم” (التوبة – 34). وما ينطبق على الذهب والفضة ينطبق على ما في حُكمهما، أي الأموال النقدية. وقد أثبتت الأزمات السابقة، أن هذا الأمر يزيد في غنى الغني وفقر الفقير، ولا يُعالج الاقتصاد العام. والإسلام يحضُّ على الإنفاق في سبيل الله، وخصوصاً في زمن الحروب والأزمات، ويسمّيه إقراضاً، في عددٍ كبير من الآيات، كما في قوله تعالى: “من ذا الذي يُقرِض الله قرضاً حسناً، فيضاعفه له أضعافاً كثيرة، والله يقبض ويبصط وإليه ترجعون” (البقرة – 245). وهذا فضلٌ من الله ومِنّة، لا سيّما وأن المالَ مالُ الله، فهو يؤجِرُ من أنفقه في سبيله على امتثاله لأوامر الله أولاً، وعلى عدم استسلامه لشهوة كنز المال، وعلى عدم إنفاقه في معصية أو إسراف أو في تكبّر.
  • هل يمكن الدعوة إلى الاقتصاد في الإنفاق والاستهلاك؟ والله تعالى قد أمرنا بذلك في القرآن الكريم في عدة آيات ومنها قوله: “والذين إذا أنفقوا لم يُسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما” (الفرقان – 67). والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: “الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار” (رواه الإمام أحمد). وقد فسّر العلماء المعاصرون “النار” بالنفط وما يشابهه. وعندما مرّ عليه الصلاة والسلام بسعد بن أبي وقّاص وهو يتوضّأ، ورآه يُسرف في الماء في وضوئه، قال له: “ما هذا السرف؟ فقال سعد: أفي الوضوءِ سرفٌ يا رسول الله ؟ (والوضوء عبادة). فقال له النبي الأعظم – معلّما البشرية جمعاء ضرورة الاقتصاد في استهلاك الثروات الطبيعية، التي وهبها الله لنا، ضمن الحاجة فقط – : “نعم، ولو كنت على نهرٍ جارٍ”. (رواه ابن ماجه في السنن).
  • هل ستتم معالجة الفقر والقضاء على الجوع اللذين وضعتْهما هيئة الأمم المتحدة في أولويات أهداف التنمية المستدامة؟ جميع التحاليل تجمع على أن الفقر والبطالة ستنتشر بعد الكورونا على نطاق واسع. وقد عالج الإسلام الحنيف ظاهرة الفقر علاجاً جذريا، فجعل الزكاة على أنواعها ركناً من أركان الإسلام الخمسة. وخلال مئة عام على بدء الدعوة، لم يجد رُسُلُ الخليفة عمر بن عبد العزيز المولجون بتوزيع مال الزكاة من يأخذ منها لا من المسلمين ولا من غير المسلمين، فأوعز إلى رُسُلِه “بشراء الحبوب ونثرها فوق رؤوس الجبال لتأكل الطيرُ من خير المسلمين”. يُضاف إلى ذلك ما شجّع عليه الإسلام أصحاب الثروات على بذل الصدقات على الفقراء والمساكين “وإذا أعطيتموهم فأغنوهم” كما كان يقول الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب. وكذلك سياسة الوقف في الإسلام التي أطلقها الإسلام وشجع عليها، فشكلت باباً واسعاً في تنمية سريعة لقطاعات التعليم والاستشفاء ومعالجة الفقر وغيرها. وقد سلك الغرب طريق الوقف في عدد كبير من مؤسساته إذ بلغت أوقاف 20 جامعة أميركية في العام 2007 مايزيد على مئتي مليار دولار أمريكي، وأثمرت تقدماً ملحوظاً في الحضور العلمي لهذه المؤسسات على صعيد العالم.
  • هل يمكن وقف الاحتكار الذي غالباً ما ينتشر في العالم الحديث في زمن الأزمات وبعدها ؟ رغم أن الإسلام يكفل الحرية للأفراد في البيع والشراء والتنافس الفطري، إلا أنه ينكر أشد الإنكار الاحتكار الذي يلجأ إليه بعض التجار في الحروب والأزمات، طمعاً في زيادة أرباحهم. وقد نهى عن ذلك النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام، في قوله: “بئس العبد المحتكر، إن أرخص اللهُ الأسعارَ حزِن، وإن أغلاها فرِح” (رواه البيهقي). وفي قول آخر: “الجالبُ مرزوق والمحتكر ملعون” (رواه ابن ماجه). يروى أنه في زمن خلافة الفاروق رضوان الله عليه، في عام الرمادة (وقد سُمّي بذلك لأن لون الأرض أصبح كالرماد من شدّة القحط)، اشتدّ الكربُ على المسلمين، وكان لعثمان بن عفان رضي الله عنه “ألف بعيرٍ قادمة من الشام، محمّلة بالبُرِّ والزيت والزبيب. فدخل التجار عليه يريدون شراءها، فأعطوه بالدرهم درهمين”، فقال: “أُعطيتُ أكثر من هذا”. فزادوا له. فقال: “أُعطيت أكثر مما زدتموه”. فقالوا له: “ليس في المدينة تجار غيرنا، وما سبَقنا إليك أحدٌ، فمن الذي أعطاك أكثر مما أعطينا؟” فقال: “إن الله أعطاني بكل درهم عشرة، فهل عندكم زيادة؟”. فقالوا: “لا يا أبا عمرو”. فقال: “أُشهد اللهَ أني جعلتُ ما حَمَلَتْ هذه العير صدقةً على فقراء المسلمين، لا أبتغي من أحدٍ درهما ولا ديناراً، وإنما أبتغي ثواب الله ورضاه” (من كتاب صور من حياة الصحابة).
  • هل يمكن تحديث المؤسسات الاقتصادية على ضوء الشريعة الاسلامية الغرّاء، بما يحفظ لكل ذي حقٍ حقه، ولا يطغى صاحب مال على صاحب علمٍ أو إدارة، ولا العكس؟ الإخلاص في الشراكة مبدأ إسلامي محض. إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أنا ثالث الشريكين ما لم يَخُنْ أحدهُما صاحبَه، فإن خانه خرجتُ من بينهما” (رواه أبو داود والبيهقي). وقد عرف الإسلام أنواعاً متعدّدة من العلاقات الاقتصادية، نذكر منها: المشاركة – المضاربة – المرابحة – الإجارة – المزارعة – المساقاة – السَّلم – الاستصناع. كما عرف عدة أنواع من البيوع الجائزة العاجل والآجل، وقد فصّل العلماء في أصول وآداب كلٍ منها.
  • هل يمكن أن نرى تعاوناً صادقاً بين الدول العظمى على معالجات أزمة الكورونا وذيولها، تحت شعار: “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان” (المائدة – 2). وهل يمكن أن نرى هذا التعاون الحميد يأخذ موضعه مكان المشاحنات القائمة والخصومات المستحكمة والاتهامات المتبادلة، لا سيّما وأن الإنفاق على التسلح في العالم يتجاوز بكثير الإنفاق الصحي.  وقد أثبتت هذه الأزمة هشاشة المؤسسات الاستشفائية، وضُعف التجهيزات الطبية غير الكافية لتداعيات المرض، في جميع الدول بدون استثناء.

وهل يمكن أن نرى تعاوناً صادقاً للارتقاء بالمؤسسات الاستشفائية والتعليمية والخدماتية على أنواعها، وتنافساً شريفاً وتكاملاً حقيقياً بين هذه الدول العظمى بما يخدم البشرية جمعاء، لا فضل في ذلك لأميركي على صيني، ولا لروسي على عربي، ولا لأوروبي على أفريقي… إلا بما يقدمه من خدمة إنسانية شريفة، وقيمة مضافة في عمله!؟.

  • وهل يمكن أن نرى زعماء هذه الدول العظمى يتخلّوْن عن “أنانيتهم الوطنية”، ويرتقون يداً بيد إلى تقديم خدماتٍ إنسانية جامعة، راقية، سامية، بعد أن ثبُت لديهم بالدليل القاطع أن فيروس كورونا لم يميّز بين مرضاه جنسيةً على جنسية، أو أسود على أبيض، أو رئيساً على مرؤوس، أو غنياً على فقير…، وهم يعلمون تمام العلم، أنهم – مجتمعين – قادرون ولا شك على إنتاج أكبر وأهم ممّا يَعملُ عليه كلٌّ منهم على إنفراد.
  • وهل يمكن أن نرى الجميع يلتفّون حول أهداف ومبادئ شرعة حقوق الإنسان وأهداف التنمية المستدامة، وكل تشريعات الأمم المتحدة، التي تحفظ الحقوق الإنسانية ولا تتعارض مع أحكام الشرائع السماوية، والتي تضمن حرية المعتقد، واحترام جميع الأديان ورموزها، وما جاءت به من دعوات في خدمة الإنسانية جمعاء، وتدعو لمعالجة الفقر والحفاظ على البيئة، والسلام العالمي، يجمعنا شعار: “نتعاون معاً فيما اتفقنا عليه (وهو الكثير)، ويعذر بعضُنا بعضاً فيما اختلفنا فيه”؟!.

تساؤلات كثيرة جالت في خاطري، قد تبدو مثالية، لأول وهلة، ولكنها أكدت لي ما كتبه أبو الحسن الندوي عام 1945 في كتابه بعنوان “ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟”. وأكدت لي زيف الحضارة الغربية، في شعاراتها وفي صراعاتها. فالتطرف والعنصرية تزداد في العالم على كل المستويات، وبشكل ملحوظ، والفقر ينتشر في العالم بنسب أعلى من ذي قبل، وخصوصاً في الدول الفقيرة، وأسلحة القتل تزداد تنوعاً وفتكاً بالناس. كل ذلك رغم الشعارات البرّاقة التي ترتفع بين الفينة والأخرى، وتدعو إلى المساواة والسلام العالمي، والحفاظ على البيئة، والحد من أسلحة الدمار الشامل، والقضاء على الجوع. والخوف الكبير أن يزداد جنوح العالَم بعد أزمة الكورونا، فتكون ارتداداتها أشق وأقسى من موجاتها.

أختم بالقول أنّ إسلامنا الحنيف، هو الدين الخاتم، فيه صلاح البشرية جمعاء، إذا التزمت بأحكامه. فهو يخاطب العقل البشري في كل زمان ومكان، ويوافقُ الفطرة الإنسانية، التي فطر اللهُ الناس عليها. جعل الدنيا مزرعة الآخرة، ليعمرَ الإنسانُ الأرضَ، وجعله خليفةً من يوم أن خلق اللهُ آدم عليه السلام. أرسل رسولَه محمداً عليه الصلاة والسلام، برسالةٍ جامعة، ليكونَ رحمة للعالمين، رحمة لكل أهل الأرض، من يوم بعثه إلى أن يرثَ الله الأرض ومن عليها، وقال له ولمن خلفه: “لا إكراه في الدين” (البقرة – 256)، بل وأمره ومن خلفه بالبِرّ وبالقسط بين الناس، بدون تمييز بين مسلمٍ وغير مسلم، في قوله تعالى: “لا ينهاكم اللهُ عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتُقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين* إنما ينهاكم اللهُ عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوْهم، ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون” (الممتحنة – 8 – 9).

علينا كمسلمين أن نُحسن فهمنا لتعاليم الإسلام الجامعة، ونطوّر إدراكنا لأحكامه اللامعة، ونحسن عرض براهينه الساطعة، على العالم أجمع، فمن شاء فليؤمن، ومن شاء غير ذلك فَلَهُ ما أراد، وأمره إلى الله، وفي ذلك خلاص البشرية “ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير” (الملك – 14).


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal