سلامة يُجمّد التحويلات بالدولار: ما المغزى ومن يُلجم الإنهيار؟… عبد الكافي الصمد

بعد نحو نصف شهر تقريباً على القرار الذي أصدره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في 30 آذار الماضي، الذي ألزم فيه المؤسسات غير المصرفية التي تقوم بعمليات التحاويل النقدية بالوسائل الإلكترونية بأن “تسدد قيمة أي تحويل نقدي إلكتروني وارد إليها من الخارج بالعملات الأجنبية”، عاد يوم أمس عن قراره وأصدر قراراً جديداً قضى فيه بأن تسدد قيمة التحويلات بالليرة اللبنانية وفقاً لسعر السوق، وهو 2600 ليرة كما حدّده مصرف لبنان في وقت سابق. وأن تبيع من الوحدة الخاصة المنشأة في مديرية العمليات النقدية لدى مصرف لبنان، العملات النقدية الأجنبية الناتجة عن العمليات النقدية”. على أن يُعمل بهذا القرار فور صدوره، أي إبتداءً من يوم أمس.

ما كاد القرار يصدر حتى سادت فوضى عارمة في السوق النقدية، ودفع شركات الصيرفة المرخّصة وغير المرخّصة إلى الإمتناع عن بيع الدولار الأميركي أو أي عملة أجنبية أخرى، بعدما وصل سعر الدولار في السوق السوداء إلى 3100 ليرة، وسط مؤشرات أن يوم غد كما الأيام المقبلة ستشهد إرتفاعاً جنونياً للدولار، سببه الرئيسي والمباشر قرار رياض سلامة، كما أنّ أسعار السلع الأخرى على اختلافها، وتحديداً السلع الغذائية، سوف تشهد إرتفاعاً مماثلاً، ما سيجعل العائلات الفقيرة تواجه مصاعب وتحدّيات بالغة الصعوبة لم تعرفها من قبل.

هذا القرار الجديد كان سلامة قد أصدره الصيف الماضي ولم يلق حينها إهتماماً واسعاً، لأن سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية كان ثابتاً تقريباً عند حدود 1515 ليرة، ولكن ما إن إندلعت شرارة الإحتجاجات في 17 تشرين الأول الماضي، والتي تزامنت مع الأزمة النقدية والمالية وانهيار الليرة مقابل الدولار، وإحجام المصارف عن السماح للمودعين التصرّف بودائعهم إلا وفق شروط قاسية، وسحوبات بـ”القطّارة”، حتى عاد سلامة عن قراره إثر ضغوطات، وبعدما أحجم المغتربون، بدورهم، عن إرسال الأموال بالدولار إلى ذويهم في لبنان بسبب تثبيت سعر صرفه عند 1500 ليرة، بينما كان سعره في السوق قد ناهز 2500 ليرة.

خلال هذه الفترة تنفّس من وصلتهم تحويلات مالية خارجية الصعداء، إذ كانوا يقبضونها بالعملة الخضراء، من غير غبن كانوا يشعرون سابقاً بأنه كان يلحق بهم، كما أدى ذلك إلى توافر الدولار الأميركي في السوق، ولو نسبياً، بعد ندرة غير مسبوقة في عرضه وبيعه.

يوم أمس ضرب رياض سلامة كلّ هذه الفسحة الصغيرة من الأمل بعرض الحائط، وأصدر قراره الجديد الذي أعاد الأمور إلى نقطة الصفر، وطرح أسئلة كثيرة عن أسبابه ودوافعه، وعن مستقبل وضع الليرة والوضع النقدي في لبنان ككل، لأن السعر الذي حدّده سلامة، وهو 2600 ليرة للدولار، يتناقض مع السعر الحقيقي في السوق، وهو 3000 ليرة وما فوق، ما يعني أن المواطنين الذين ستصلهم تحويلات من الخارج سيصابون بالغبن والإجحاف مرة ثانية.

واللافت في القرار أيضاً أنّ المصرف المركزي سيستحوذ على الدولارات التي ستوفّرها مؤسسات التحويل بعد عملية استبدال الدولار بالليرة. وبذلك، يسهم مصرف لبنان برفع معدّل شحّ الدولار من السوق، أي برفع سعره بحسب قاعدة العرض والطلب، التي يستند إليها سلامة دائماً في مقاربته لمسألة إرتفاع سعر صرف الدولار، كما يتناقض هذا القرار مع قرار سابق، طلب خلاله سلامة من مؤسسات تحويل الأموال تسليم التحاويل لمستحقيها بالدولار، مساهمة بتوفير الدولار في السوق لتخفيف الأزمة.


مواضيع ذات صلة:

  1. الحكومة تستدرك خطأها: الجيش بدل الإغاثة والمساعدات نقدية… عبد الكافي الصمد

  2. زيارات دياب الخارجية تربكه: دولٌ تُحرجه ودولٌ تتجاهله… عبد الكافي الصمد

  3. خلاف المستقبل ـ القوات: حكومة دياب المستفيد الأوّل… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal