هل يمكن أن يتمثل لبنان بايطاليا؟… مرسال الترس

بالرغم من المآسي التي خلّفها وباء الكورونا اللعين على صعيد الكرة الأرضية، ليس من الناحية الصحيّة وحسب، وإنما على مختلف نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والمالية وحتى النشاطات العسكرية، ولكّن هذا الوباء (وبالرغم من كل سيئاته) فقد أجمع المُراقبون على انه أحدث نقلةً نوعية في مستوى التعاطي بين الأنظمة والدول، مُسقِطاً كل الأعراف السائدة منذ الحرب العالمية الثانية حول وجود معسكرات وأحلاف غربية وشرقية من الصعب على الحكومات والأنظمة تجاوزها منعاً لاتهامها بالخيانة.

وعلى سبيل المثال لا الحصر ما جرى لايطاليا، هذه الجمهورية العريقة وإحدى أبرز دول منظومة الاتحاد الأوروبي ومعسكر حلف الناتو إضافة لكونها تحتضن المرجع الأعلى للطوائف الكاثوليكية، فإنها باتت على قاب قوسين أو أدنى من إدارة الظهر للبيت الأوروبي وما يتفرع عنه. وذلك نتيجة السلبيات التي أُبداها تجاهها على غرار العالم الغربي ولاسيما منه الأميركي. فيما سارعت كل من روسيا والصين الى مد جسور من المساعدات والمستلزمات الطبية الى روما.

ولم يكتف الشعب الايطالي بإدارة الظهر لمن كانوا حلفاء له، بل أقدم على حرق أعلام الاتحاد الاوروبي وتدنيسها، ورفع اعلام الصين وروسيا بدلاً عنها، مستعيداً أمجاد العلم الأيطالي قبل الوحدة الاوروبية كأسلوب إنكارٍ للتحالف مع الغرب وبادرة شُكْرٍ للمعسكر الشرقي.

واذا كان الشيء بالشيء يُذكر، فهل سيتعظ لبنان ونظامه بما جرى في ايطاليا، وسيزيح عن كاهله عبودية الرؤساء والأنظمة التي تحكمت بمصيره منذ نشأته بما يخدم مصالحها واستراتيجياتها؟ فاذا وضعنا فرنسا وبريطانيا وبعض الدول العربية التي وجَّهَت السياسة اللبنانية وفق اهوائها جانباً، فمنذ أن أمسكت الولايات المتحدة الأميركية بزمام الأمور في سياسة لبنان في العام 1958 وهي تدير دفتها وتتدخل في الكثير من المفاصل والشوارد، بما لا يعرقل خططها لهذا الشرق او يُزعج الدولة اليهودية.

وبغض طَرفٍ عن مجالات التسليح التي تؤرق اسرائيل. أفليس من مصلحة لبنان وهو في ظروف الاختناق القائمة مالياً واجتماعياً، لماذا لا يتم فتح الأبواب أمام من يُقَدِّم أفضل العروض صينياً وروسياً والمانياً وسواها في الكهرباء والنفايات والتنقيب عن النفط والغاز طالما أن الفريق الأميركي لن يتوقف عن مراعاة خاطر اسرائيل في النفط والغاز، ويضع مصالحها الأمنية في أولى استراتيجياته، وآخر إهتماماته أن يساعد لبنان في ما يحتاجه من أدوية ومستلزمات طبية في أزمة الكورونا، أو في إيجاد مخارج ملموسة في الأزمة المالية تكون بعيدة عن إرهاق الطبقات الشعبية التي دفعت الأمرّين في العقود الثلاثة الماضية، في حين كانت المؤسسات المالية الأميركية تمنح الجوائز التقديرية (المدفوعة الثمن على ما يبدو) لمن كان يدير السياسات المالية والنقدية في هذا الوطن على أنها من الأفضل في العالم!.


مواضيع ذات صلة:

  1. مَن يتّهم مسيحيي لبنان بالعمالة لاسرائيل؟… مرسال الترس

  2. عندما تختلط ″الكورونا″ اللعينة بالاعتبارات الموبوءة!… مرسال الترس

  3. هل يستطيع الحريري العودة الى السراي بعد مئة يوم؟… مرسال الترس


 

Post Author: SafirAlChamal