نرجسية الحكومة تستفز الفقراء.. والوعود ″قرقعة بلا طحين″!… غسان ريفي

بالرغم من مرور شهرين على نيل حكومة حسان دياب الثقة، ما يزال اللبنانيون يسمعون منها ″قرقعة ولا يرون طحينا″.. فالوزير الذي أنتج كتابا عن إنجازات عهده في وزارة التربية قبل سنوات، يبدو أن ″نرجسيته″ لم تتبدل في رئاسة الحكومة، بل أصابت عدواها كل وزرائه الذين باتت أحاديثهم عن أنفسهم وعن إنجازاتهم وإنجازات حكومتهم في كل محطة تستفز اللبنانيين الذين يعانون الأمرين جراء فيروس كورونا، والفيروس المالي ـ الاقتصادي، والفيروس المصرفي، وفيروسات الخلافات السياسية ضمن الحكومة التي تحولت خلال الفترة الماضية الى جبهات مفتوحة ضد بعضها البعض.

عسكر الحكومة في الشارع، يمسكون بدفاتر محاضر الضبط ليزيدوا الفقير فقرا، والمحروم حرمانا، وليساهموا في إخراج بعض المواطنين عن طورهم بعدما أخرجتهم أوضاعهم المأساوية، في حين أن الاجراءات الاغاثية تسير ببطئ السلحفاة لجهة تقديم المساعدات، حيث تكاد تنتهي المرحلة الثانية من التعبئة العامة والحجر الصحي من دون أن تسجل الحكومة تقدما على صعيد توزيع المساعدات التي ما تزال في علم الغيب.

وبالرغم من الوعود الحكومية بالاسراع في إعداد اللوائح التي (بحسب مطلعين) تشوبها الكثير من الأخطاء وتستثني شرائح فقيرة كاملة، فإن إصرارا غير مفهوم من قبل الحكومة على عدم الاستعانة بالمخاتير والبلديات الذين يملكون داتا كاملة في نطاقهم للعائلات الفقيرة التي تنتظر بفارغ صبر حصولها على المساعدة المالية، وربما يؤدي حرمانها منها أو تأخير وصولها لأي سبب كان الى ثورة  قد تطيح بكل القرارات الحكومية في هذا المجال.

لا يختلف إثنان على ضرورة أن يلتزم اللبنانيون منازلهم في هذه الفترة العصيبة، خصوصا أن هذا التدبير هو الطريق الوحيد للوقاية من كورونا الى حين الانتهاء من هذه الجائحة وعودة الحياة الى طبيعتها، لكن في الوقت نفسه فإن الحجر الصحي الذي تفرضه قرارات الحكومة اللبنانية يحتاج الى مقومات صمود ما تزال غير متوفرة.

في غضون ذلك دخلت التعبئة العامة يومها الـ 18 من دون تأمين أية مساعدات للفقراء الذين يئنون في منازلهم، ما يضطرهم الى الخروج بحثا عن ربطة خبز أو ما يسد رمق عيالهم، فيكونوا أمام خيارين أحلاهما مرّ، فإما العدوى بكورونا وهي باتت بالنسبة لهم أهون من مأساة جوع أبنائهم، أو السقوط تحت عصا السلطة التي باتت أكثر إيلاما مع محاضر ضبط غير منطقية أو مبررة، فكيف لمن يخرج مضطرا لجني بضعة آلاف من الليرات لشراء ضروريات عائلته من الطعام والأدوية، أن يعود إليها وقد تم تغريمه بخمسين ألف ليرة أو أكثر، وكيف يمكن لأمثال هؤلاء أن يصمدوا أو أن يكملوا الحجر مع عائلاتهم بشكل طبيعي.

خلال الأيام الماضية بدأت بعض المناطق اللبنانية تشهد ظواهر غريبة لم تكن مألوفة من قبل، سواء على صعيد السطو المسلح الذي إزداد بحسب التقارير الأمنية بنسبة مئة بالمئة، أو بأعمال النشل والسرقة والنصب، إضافة الى تصرفات وحشية تمثلت بقيام رجل برمي إبنتيه (17 و20 عاما) من الطابق الثاني، وقيام آخر بضرب زوجته ما دفعها الى الخروج هربا من المنزل لتسقط في الشارع، وصولا الى السوري الذي ضرب طفلته ذات السنوات الست حتى الموت، ويبدو أن الحبل على الجرار، لأن الحجر والفقر يولدان الانفجار الذي لا يعلم أحد كيف ستتوزع شظاياه.


مواضيع ذات صلة:

  1. فرنجية يخوض معركة التعيينات بالنيابة عن كل المسيحيين!… غسان ريفي

  2. من يحاول إلباس طرابلس قناعا جديدا ليس لها؟… غسان ريفي

  3. هل ترك جهاد الصمد اللقاء التشاوري؟… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal