لعبة ″العسكر والحرامية″ تحتدم.. هل نجح قرار ″المفرد ـ مجوز″؟… غسان ريفي

لم يشكل قرار وزارة الداخلية والبلديات القاضي بتحديد أيام سير المركبات بحسب أرقام السيارات، الاثنين والأربعاء والجمعة للأرقام المفردة، والثلاثاء والخميس والسبت للأرقام المزدوجة، ومنع التجول للعموم يوم الأحد، سابقة في تاريخ لبنان، ففي العام 1958 أصدر وزير الداخلية آنذاك العميد ريمون إدة قرارا مشابها هدفه التخفيف من أزمة السير ومن حدة التلوث، لكنه سرعان ما تراجع عنه بعد فشله، ليعيد الوزير محمد فهمي الكرّة بعد 62 عاما، فهل ينجح هذه المرة؟.

لعل ضرورات مواجهة فيروس كورونا والحد من تفشيه وعدم إلتزام اللبنانيين الساعين وراء لقمة عيشهم بقرارات التعبئة العامة، هي التي أملت على الوزير فهمي إتخاذ هذا القرار الذي يعتبر أكثر تشددا في سبيل التخفيف من تحركات المواطنين في ظل حالة الطوارئ الصحية التي يعيشها بلدهم.

لذلك، فقد إنقسم اللبنانيون في تعاطيهم مع هذا القرار الى عدة فئات، منها:

أولا: فئة من كبار السن لم يتابعوا مواقع التواصل الاجتماعي ولم يطلعوا على نشرات الأخبار وبالتالي لم يعلموا بالقرار، فكانوا من ضحاياه، حيث خرجوا صباحا وفوجئوا بحواجز قوى الأمن الداخلي التي لم تتوان عن تسطير محاضر ضبط بحقهم.

ثانيا: فئة ظنت أن قرار “المفرد مجوز” يلغي مفاعيل قرار التعبئة العامة، فخرجت بسياراتها مع عائلاتها من دون أي إلتزام بتدابير الوقاية فوقعت في مصيدة قوى الأمن الداخلي.

ثالثا: فئة من اللبنانيين عقدوا إتفاقات سريعة فيما بينهم ضمن عائلاتهم أو مع جيرانهم ضمن أماكن سكنهم للتشارك في السيارات التي تختلف أرقامها في كل الأيام، بما يضمن تنقلاتهم على مدار أيام الاسبوع.

رابعا: فئة يملك أصحابها أكثر من سيارة وبأرقام مختلفة (مفردة ومزدوجة) وهؤلاء لا مشكلة لديهم حيث يستطيعون في كل يوم التنقل بالسيارة التي تتلاءم مع القرار.

خامسا: فئة تعامل أصحابها مع القرار على الطريقة اللبنانية، فخرجوا بسياراتهم المخالفة ذات الأرقام المزدوجة، وإعتمدوا طرق الزواريب والأحياء الضيقة هربا من حواجز قوى الأمن، وقد نجح كثير منهم في التنقل وقضاء حوائجهم، بينما وقع آخرون في فخ القوى الأمنية التي أقامت في بعض المناطق حواجز طارئة ومتنقلة.

سادسا: فئة أصحاب السيارات المسموح لها بالتنقل (أرقامها مفردة) والذين خرجوا من منازلهم لحاجة أو دون حاجة أو لمجرد الترفيه!.

سابعا: فئة أصحاب المهن المستثناة من القرار والذين تعاملوا مع الأمر بلامبالاة كونه لا توجد أي مشكلة لديهم ولا حتى يوم الأحد حيث يمنع سير كل أنواع المركبات.

ثامنا: فئة إلتزمت منازلها ولم تحرك سياراتها ذات الأرقام المزدوجة إلتزاما بالقرار، بانتظار أن تأتي الأيام المحددة لها.

كثيرة هي الاعتراضات التي واجهت قرار “المفرد مجوز”، خصوصا لدى الذين يتجاوزون قسرا قرارات التعبئة العامة من المياومين وسائقي التاكسي والبائعين وغيرهم من الساعين وراء لقمة العيش وتأمين أبسط مقومات الحياة لعائلاتهم، في ظل عدم قدرة الحكومة حتى الآن على ربط قراراتها بالمساعدات التي أعلنت عنها وتعتبر العامل الأساس لابقاء السواد الأعظم من اللبنانيين في منازلهم، وما دون ذلك سيجعل البلد أسير لعبة “العسكر والحرامية” خصوصا أن اللبناني الذي يتعايش مع أزماته ومشاكله، لن يقصّر في إيجاد الوسيلة التي تؤمن له خروجه من منزله يوميا، ما يعني أن القرار لن ينجح في إبقاء المواطنين في منازلهم، أما محاضر الضبط فتضاعف من النقمة وتزيد في إتساع الهوة القائمة بين الحكومة وشعبها.


مواضيع ذات صلة:

  1. فرنجية يخوض معركة التعيينات بالنيابة عن كل المسيحيين!… غسان ريفي

  2. من يحاول إلباس طرابلس قناعا جديدا ليس لها؟… غسان ريفي

  3. هل ترك جهاد الصمد اللقاء التشاوري؟… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal