لبنان وفيروس ″كورونا″: النّجاة أو النّفق المجهول… عبد الكافي الصمد

تصبّ أغلب التحذيرات الصادرة عن مصادر ومراجع طبّية وصحيّة معنية بملف مواجهة فيروس كورونا ومنع تفشّيه في لبنان، في خانة أنّ الأسبوعين المقبلين سيكونان مفصليان بما يتعلق بانتشار الفيروس من عدمه، وبما إذا كانت الإجراءات الحكومية والفردية التي اتخذت نجحت فعلياً في احتواء الفيروس والحد من انتشاره أم لا.

يستند أصحاب هذه التحذيرات إلى أنّ الفترة الزمنية المطلوبة للحجر الصحّي المنزلي الذي اتخذه الأفراد، وقرارات حظر التجول التي اتخذتها الحكومة، قد مضت، وبالتالي فإن الخطر الفعلي من انتشار الفيروس قد زال بنسبة كبيرة جداً، وأن لبنان إستطاع تجاوز قطوع صحي صعب للغاية في هذه المرحلة بأقلّ قدر ممكن من الخسائر والأضرار، البشرية والمعنوية والمادية، مقارنة بما شهدته دول أخرى إنهارت أو شارفت حدود الإنهيار على كل الصعد، برغم فارق الإمكانات الكبيرة بينها وبين لبنان.

ولكنّ ذلك لا يدعو للإطمئنان والركون إلى أنّ لبنان تجاوز مرحلة الخطر، إستناداً إلى عدّة أسباب ومعطيات، منها أن أعداد المصابين يرتفع يومياً في لبنان ولو بشكل مقبول نسبياً، ولم يسجل حتى الآن تراجعه أو توقفه، كما أن أعداداً من المصابين بالفيروس لم يعرفوا بذلك بعد، وهم لم يجروا حتى الآن أي فحوصات تطمئنهم، كما أنّ مصابين أجروا فحوصات أكدت أنّهم مصابين بالفيروس لكنهم أخفوها عمداً لأسباب مخنلفة، وهذا الأمر هو مصدر خطر فعلي على فئات واسعة من المواطنين لم تتخذ حياله السلطات المعنية أي تدبير، فضلاً عن أنّ المختبرات التي تجري الفحوصات تعمل ببطء، ما يجعل طوابير المنتظرين طويلة، وبالتالي فإنّ النتيجة النهائية لأعداد المصابين تتطلب الإنتظار مزيداً من الوقت.

يُضاف إلى كلّ هذه المخاطر خطر جديد يتمثل في المغتربين الذي بدأوا بالتوافد إلى لبنان من بلدان الاغتراب، وهؤلاء يشكلون تحديا جديا للجميع، الدولة والسلطات المعنية والمواطنين، ما ينذر بتفشي الفيروس على نطاق واسع اذا تبين ان هؤلاء المغتربين القادمين من بلدان مصابة بالفيروس يحملونه، وهذا سيؤدي إلى إدخال البلد في نفق مجهول لا أحد يعرف متى يخرج منه ولا بأي كلفة بشرية ومادية، إذا لم تتخذ إجراءات صارمة وفحوصات مخبرية في غاية الدقة بحق المغتربين على اختلافهم.

غير أنّ مخاطر وتداعيات الفيروس لا تقف عند هذا الحد، فبعدما تسبّب بتوقف القطاعات الإنتاجية كافة تقريباً، في لبنان والعالم، وأدى إلى ارتفاع معدل البطالة بنسبة خيالية، فقد زاد الأزمة تعقيداً إرتفاع أسعار السلع الغذائية والتموينية الضرورية ومواد التعقيم والتنظيف بمعدل الضعف على أقل تقدير، إضافة إلى مخاوف من أنّ هذه السلع والمواد في طريقها إلى النفاد في السوق اللبنانية.

وزاد من هذه المخاوف ما أكدته أوساط معنية بهذا المجال، بإشارتها إلى أن المواد الغذائية “متوافرة، ولدى المحلات مخزوناً يشمل أنواع السلع كافة، لكن هذا المخزون يكفي على مدى شهرين فقط، والمشكلة في أنّه بعد انتهاء هذين الشهرين قد يتوقف الإستيراد لأن معامل الخارج مقفلة بسبب فيروس كورونا، وعندها قد لا تكون المنتجات متوافرة”.

ومع أنّ هذه الأوساط أكّدت أنّ “البلد برغم ذلك لن يصل إلى حدّ المجاعة”، فقد لفتوا إلى صعوبات في هذا المجال، منها أنه “لا دولار أميركي في السوق اللبناني، ما يجعل عملية الإستيراد في لبنان مهدّدة في المرحلة المقبلة، لأنّ المصارف تغلق أبوابها، ولم تعد تعطي الدولار للمودعين، كما أن المصانع الخارجية التي تفتح أبوابها تنتج بكمية أقل، ولا تسلم بضائعها إلا بعد شهر”.


مواضيع ذات صلة:

  1. الحكومة تستدرك خطأها: الجيش بدل الإغاثة والمساعدات نقدية… عبد الكافي الصمد

  2. زيارات دياب الخارجية تربكه: دولٌ تُحرجه ودولٌ تتجاهله… عبد الكافي الصمد

  3. خلاف المستقبل ـ القوات: حكومة دياب المستفيد الأوّل… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal