ينكرهم الوطن أيام رخائه.. ويعرفونه ايام شدته!… بقلم: بشار إسماعيل

هم، المحبون لوطنهم بصدق.. الموجودون في مؤسساته المنسية والمتروكة لمصيرها. المؤسسات الحكومية التي لا تعرف عنها الحكومة شيئا. مؤسسات اهملتها الدولة لعقود وتركتها في بحور الاهمال بينما كانت  تغدق على مثيلاتها في القطاعات الخاصة تواصلا ودعما وتوظيفا وتعاونا.

المؤسسات التي لايتذكرها المعنيون الا في ايام المحاصصة والزبائنية وتوزيع المغانم على المستزلمين وحاشية البلاط. 

المؤسسات التي رغم الاهمال التاريخي استفاق اللبنايون ليجدوها في الصف الأول حين جد الجد وصار الأمر بحاجة لـ”حك الركب” بعد ان وصل الكورونا.

المؤسسات التي نسيها الوطن ايام رخائه لم يجد غيرها في الميدان أيام شدته. فجأة لم نعد نسمع الا بأبطال الجامعة اللبنانية والمستشفيات الحكومية.

جميع من اغدقت عليهم الدولة في ايام السلم تركوها في اول ايام الحرب، ولم نعد نسمع الا بطلاب الطب في الجامعة اللبنانية وهم يتطوعون للمواجهة دون أجر أو منّة وهم الذين يتحملون الخطر والجهد والحجر والبعد عن احبائهم. لم نعد نسمع الا بطلاب الجامعة اللبنانية واساتذتها وهم يطلقون المبادرة اثر المبادرة والابداع عقب الابداع.

اساتذة ومهندسون يتطوعون لتطوير اجهزة طبية بموارد محلية وطلاب لا يستكينون عن مد يد العون حيث استطاعوا ويخترعون ويقدمون.

استفقنا على الناس وهي تصفق عن الشرفات للعاملين في المستشفيات الحكومية وزملائهم في القطاع الطبي تقديرا لتضحياتهم. 

استفاق اللبنانيون على المحاربين الذين وجدوهم في الصفوف الأولى يوم نادى الوطن فلبوا نداءه. 

لكن لنرجع قليلا للوراء… هؤلاء المحاربون كيف كانت الدولة تتعامل معهم؟ الجامعة اللبنانية حدث و لا حرج. بُحت أصوات اساتذتها وطلابها وهم يطالبون الدولة بالالتفات للجامعة الام، جامعة الوطن، جامعة المئة الف طالب واستاذ وموظف.

الاساتذة وبعد جهد جبار واعتصامات واضرابات وصلوا في حزيران 2019 الى اتفاق مطلبي من سبعة بنود يحقق ما يطالبون به منذ سنوات.

النتيجة، انقلبت الدولة على وعدها ولم تنفذ حرفا مما التزمت به. على سبيل المثال أحد هذه البنود هو اقرار ملف التفرغ للاساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية الذين يتقاضون اجورهم بعد سنتين او ربما اكثر ويعيشون ظروفا قاسية دون ضمان اجتماعي ولا منح مدرسية ولا بدل نقل.

الاساتذة الذين بدل التفرغ لطلابهم وابحاثهم وتطوير مناهجهم يقضون اوقاتهم في الاعتصامات والمطالبات باقرار هذا الملف منذ سنوات ولا من يسمع ولا من يجيب.

طلاب الجامعة اللبنانية يطالبون منذ أن نشأت هذه الجامعة بتحسين ظروفهم والالتفات لادنى حقوقهم بمبان جامعية لائقة وتجهيزات ومختبرات متطورة مما يتطلب زيادة موازنة الجامعة ولكن صرخاتهم تذهب أدراج الرياح ولا يسمعها المسؤولون.

المستشفيات الحكومية التي يحرم موظفوها من ادنى حقوقهم وهم الذين لطالما شاهدناهم يعتصمون ويطالبون. دون ان ننسى شح الدولة في التعامل مع هذه المستشفيات وعدم تجهيزها بادنى المقومات اللازمة.

هكذا اذن… تتولى الدولة عن اهل جامعة الوطن ومستشفياته الحكومية، ثم لا تجد غير هؤلاء حين يستوجب الامر ثبات المخلصين. يتخلى عنهم الوطن ايام الرخاء لكنهم يعرفونه ويأبون ان يتركوه يوم شدته. فهلا أدرك الوطن ومسؤولوه الى اين يجب ان يلتفتوا؟

سؤال تبقى اجابته برسم قادمات الأيام الصعبة.

 بشار إسماعيل – أستاذ في كليتي العلوم والصحة في الجامعة اللبنانية..

Post Author: SafirAlChamal