طرابلس تصرخ وجعاً… والخيار بين الكورونا أو الجوع!… عزام غ ريفي

تكاد أزمات المواطن الطرابلسي الذي يعاني التهميش والفقر والجوع والحرمان لا تنتهي،  بدءا من الأزمة الإقتصادية الخانقة وما أنتجته من بطالة، وارتفاع سعر الدولار، وصولاً الى انتشار فيروس كورونا، وفرض الحكومة اللبنانية خطة طوارئ صحية عرفت باسم “التعبئة العامة”، ومن ثم فرضها قرار منع التجول من السابعة مساء، حتى الخامسة فجراً، مع اقرارها أخيراً بعد قرابة ثلاثة أسابيع من الحجر الصحي توزيع مبلغ 400 ألف ليرة لبنانية على العائلات الأكثر فقراً في لبنان عن طريق الجيش.

قرار المساعدات المالية، يطرح تساؤلات عدة، أهمها: ماذا تعني الدولة بالعائلات الأكثر فقراً؟ وما هي المعايير التي ستعتمدها في اختيار هذه العائلات؟ وما هي الدراسات التي أجرتها مؤسساتها لتحديد هذا المبلغ؟ وماذا عن العائلات التي لا تندرج تحت لائحة الأكثر فقراً ولكنها بحاجة الى مساعدات مالية لتكمل حياتها في الحجر الصحي؟ وهل يكفي هذا المبلغ من المال حتى يبقي العائلات الطرابلسية داخل منازلها؟.

قبل فترة تحولت طرابلس من “أم الفقير”، الى مدينة الفقراء المصنفة الأسوأ إجتماعيا على ساحل حوض المتوسط، والمتروكة من قبل الإعلام اللبناني الذي لطالما ألبسها زيا غير زيها وأظهرها على أنها متطرفة، متعصبة، ومنغلقة، وبالرغم من أنها فرضت نفسها في ثورة 17 تشرين الأول، وأجبرت الإعلام على انصافها، وأوصلت لبنان الى العالمية بنيلها بجدارة لقب “عروس الثورة”، الا أنها اليوم تكاد تلفظ أنفاسها المعيشية الأخيرة، في ظل الأزمات التي لا تعد ولا تحصى منها الإنمائية، والإقتصادية والانسانية، وآخرها الصحية التي تحاصرها من كل جانب.

لم يعد الطرابلسي يحتمل انكار الدولة له كمواطن ولمدينته كعاصمة ثانية، فهو يعاني ويصبر على الحرمان والجوع والفقر الذي ذاقه بفعل سياسات الدولة اللبنانية لسنوات، حيث تدفعه اليوم غريزته في البقاء على قيد الحياة ومن دون وعي ورغماً عنه، الى مخالفة قرارات الدولة المتعلقة بخطة الطوارئ التي وضعتها، غير مكترث بفيروس قاتل قد يصيبه ويعرض حياته وعائلته والمدينة بكاملها الى الخطر.

لا شك في أن الممارسات التي تتبعها الدولة اللبنانية بحق طرابلس وترقى الى مصاف الجريمة، أفقدت المواطن الطرابلسي إلتزامه بها، خصوصاً أن الفيحاء بحاجة لدعم الدولة كون أغلبية الطرابلسيين يعيشون من وراء عملهم اليومي، وهم يتطلعون الى حلول تبقيهم على قيد الحياة، فكيف للطرابلسي أن يعيش مع عائلته من دون عمل يؤمن لقمة العيش وفي ظل حجر صحي فرضته دولة شبه مفلسة؟، وهل يكفي مبلغ الـ 400 ألف ليرة في ظل الارتفاع الجنوني للمواد الغذائية والمنتجات الزراعية وبعد ثلاثة أسابيع من التعطيل القسري؟.

قد يكون خروج الطرابلسيين الى الشوارع خطأ كبيرا يحمل خطرا أكبر، لكن ذلك يبقى برسم الدولة التي لا يجوز لها أن تضع مواطنيها أمام خيار الفيروس أوالجوع!!.


مواضيع ذات صلة:

  1. هل انتهى الموسم الرياضي في لبنان؟.. عزام ريفي

  2. الكرة الأرضية مغلقة.. لا نشاطات رياضية الى أجل غير مسمى بسبب الكورونا… عزام ريفي

  3. الأساطير تُكرّم.. ولا يُوجّه لها إنذارات!.. عزام ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal