يا معالي وزير التربية.. ما عم نفهم عليك!!.. غسان ريفي

عذرا يا معالي الوزير لم نفهم عليك.. والطلاب الذين كانوا ينتظرون منك في مؤتمرك الصحافي أن تبدد مخاوفهم وهواجسهم وأن تخفف من روعهم ومن إرتباكهم، وجدوا أنفسهم أمام مرحلة أكثر غموضا عنوانها ″التعليم عن بعد″، في بلد يفتقر الى أبسط مقومات التكنولوجيا في ظل كهرباء مقطوعة وإنترنت منقطع أو متقطع، وعائلات مكدسة في منازلها بفعل الحجر الصحي تواجه الفقر والجوع قد يكون آخر همها أن يتلقى إبناءها التعليم عن بعد عبر التلفزيون أو عبر التطبيقات أو المنصات التفاعلية.

يا معالي الوزير طارق المجذوب.. لم ينتظر اللبنانيون منك في مؤتمرك الصحافي أن تستعرض قدراتك اللغوية وبراعتك في صياغة الجمل الشعرية والأدبية والفلسفية، لتنافس المتنبي أو إمرؤ القيس.. بل كانوا ينتظرون منك أن تحاكي أزماتهم وفي مقدمتها أزمة التعليم التي تعاطيت معها، وكأنك آت من كوكب آخر، ولا تعرف شيئا عن معاناة هذا الشعب الذي بات يفتقر في معظمه الى أبسط مقومات الحياة الكريمة.

ربما تظن يا معالي الوزير أن كل طالب من طلاب لبنان لديه في منزله، غرفته الخاصة المجهزة بتلفزيون خاص، وكومبيوتر أو لابتوب خاص، وخط إنترنت سريع، حتى يكون قادرا على إغلاق باب غرفته عليه وإستخدام هذه الوسائل لتطبيق الخطة التعليمية التي أعددتها، والتي تبدو بعيدة كل البعد عن واقع البلد والناس.

لقد فاتك يا معالي الوزير أن آلاف العائلات مؤلفة من ثمانية أشخاص بينهم أربعة أو خمسة طلاب يعيشون في غرفة واحدة أو غرفتين أو منزل صغير، ولديهم تلفزيون واحد، وتصلهم الكهرباء ساعات قليلة في اليوم من دون أن يكون لديهم القدرة على تأمين الاشتراك، وليس لديهم خط إنترنت دائم، ولا يتوفر لديهم أكثر من هاتف خليوي واحد، فكيف يستطيع أمثال هؤلاء تطبيق خطتك في “التعليم عن بعد”، إلا إذا كانت هذه الخطة لشريحة واحدة من اللبنانيين.

لقد فاتك يا معالي الوزير أن ثمة قرى بعيدة ونائية محرومة من الانترنت، ومن التيار الكهربائي الذي لا يصلها سوى ساعات قليلة، لا تلتقط إرسال تلفزيون لبنان كما يجب، فكيف ستؤمن وصول المعلومات الى طلابها.

لقد فاتك يا معالي الوزير وأنت الجديد في الوزارة، أن أساليب التعليم في لبنان متعددة ومتنوعة، وأن الكتب وطريقة الشرح تختلف بين أستاذ وآخر وبين مدرسة وأخرى، وبين منطقة وأخرى، فكيف سيتم إعتماد أسلوبا تعليميا واحدا للجميع، وكيف لكم أن تتأكدوا من أن الطلاب تفاعلوا أو فهموا في ظل هذه الفوضى التي تعم البلاد بفعل الأزمات الاجتماعية والانسانية وآخرها الأزمة الصحية في زمن كورونا.

عذرا يا معالي الوزير.. لم نفهم عليك، ولم يفهم عليك الطلاب الذين يجدون أن دولاً متطورة ومتقدمة سارعت الى إنهاء العام الدراسي والى إعتماد علامات الفصل الأول في النجاح والرسوب، كما بادرت الى إلغاء الشهادات والامتحانات الرسمية التي تعتبر تفصيلا صغيرا أمام الخطر الوبائي الذي يهدد العالم..

يا معالي الوزير.. هل فهمت علينا؟!.

Post Author: SafirAlChamal