مخاوف في الضنّية: بعد وصول كورونا ليس كما قبله… عبد الكافي الصمد

بعدما كان التعامل مع تفشّي فيروس كورونا في الضنّية يتمّ بشيء من الإستخفاف وعدم الجدّية بالتعاطي معه، تحت ذريعة أنّ المنطقة آمنة ونظيفة بدليل أنّ الفيروس لم يصل إليها بعد، وأن البيئة النظيفة والطبيعية التي تمتاز بها المنطقة تشكّل مانعاً أمام دخوله للمنطقة، إنقلب الوضع رأساً على عقب فيها، إثر الإعلان مساء أول من أمس عن أول إصابة بالفيروس في الضنية.

فما كاد يتأكّد نبأ إصابة شاب من بلدة عاصون يبلغ الثانية والعشرين من عمره ويعمل بائعاً في محل للخضار والفواكه فيها، حتى انتشر كالنّار في الهشيم في المنطقة، ودبّ الهلع في صفوف الأهالي، الذين تخوّفوا من أن تكون الإصابة مقدمة لإصابات أخرى ستتضح لاحقاً، وأن يكون ذلك مقدمة فعلية لتفشّي الفيروس في منطقة لا تملك الحدّ الأدنى من مقومات الصمود الصحّي والإقتصادي.

وزاد من مخاوف الأهالي ليس فقط إحتكاك المصابين بالفيروس، قبل التأكّد من إصابتهم به، مع آخرين من أقارب أو زملاء أو أصدقاء أو زبائن وغيرهم، بل من تعاطٍ غير مسؤول ولا واع بالقدر الكافي من قبل بعض الفاعليات والوجهاء في بعض البلدات والقرى مع خطر تفشّي الفيروس، ما جعل نسب الخوف والقلق ترتفع.

ما حصل في بلدة عاصون تحديداً يوم الجمعة الماضي يعدّ دليلاً على ذلك، فبعد إغلاق كل مساجد المنطقة تقريباً بناء على تعليمات دار الفتوى من أجل تجنّب التجمّعات التي من شأنها أن تؤدّي إلى تفشّي الفيروس إذا كان بين المصلين أحد المصابين به من دون علمه، قام عدد من المشايخ بفتح بعض هذه المساجد، ومنها المسجد الملاصق لمستشفى سير الضنية الحكومي الموجود في بلدة عاصون، الذي أغلق بقرار من إدارة المستشفى تحسباً لانتشار الفيروس، لكن أحد مشايخ البلدة قام بكسر القفل الموجود على باب المسجد وفتحه أمام المصلين الذين كان من بينهم الشاب المصاب بالفيروس، معتبراً أن المساجد هي بيوت الله ولا يجوز أن تقفل، وأن الفيروس لا تدخل إلى بيوت الله!

هذا الوضع كان دافعاً إلى الإستنفار في المنطقة على كل الصعد، إذ في حين بذلت البلديات واتحاد بلديات الضنية قدراتهم والقيام بعمليات رش جميع البلدات وتعقيمها، دعا النائب جهاد الصّمد الحكومة إلى “تحمّل مسؤولياتها حيال سلامة المواطنين وحفاظاً على صحّتهم، وإعلان حالة الطوارىء في البلاد اليوم قبل الغد لمواجهة تفشّي فيروس كورونا، لأنّ الوضع يتّجه نحو مزيد من الخطورة”، مطالباً “بتجهيز مستشفى سير ـ الضّنية الحكومي وجعله مؤهلاً لاستقبال المصابين بالفيروس ومعالجتهم، وفرض حجر صحّي تام على بلدة عاصون بعد ظهور أول إصابة بالفيروس في الضنية فيها، خوفاً من تفاقم الأزمة وتفشّي الفيروس في المنطقة، داعياً المواطنين إلى الإلتزام بالحجر الصحّي في منازلهم وعدم خروجهم منها إلا عند الضرورة القصوى”.

ترافق ذلك مع تطور خطير على الأرض ستكون له تداعيات خطيرة في المنطقة وغيرها من المناطق اللبنانية، بعدما أقدم أشخاص من بلدات مجاورة لبلدة عاصون، وبمبادرة ذاتية منهم، إلى قطع الطرقات الفرعية التي تربط بين بلداتهم وبلدة عاصون، بعد الإعلان عن ظهور أول إصابة بفيروس كورونا بالضنية في البلدة، في خطوة تهدف إلى الحد من الإختلاط خشية توسع نطاق إنتشار الفيروس في المنطقة. وللغاية نفسها قامت بلديات في الضنية بإغلاق الطرقات الفرعية المؤدية إلى بلداتهم بالأتربة والحجارة.

مستشفى سير الضنية الحكومي 2


مواضيع ذات صلة:

  1. زيارات دياب الخارجية تربكه: دولٌ تُحرجه ودولٌ تتجاهله… عبد الكافي الصمد

  2. خلاف المستقبل ـ القوات: حكومة دياب المستفيد الأوّل… عبد الكافي الصمد

  3. الباب السّوري مخرجٌ لأزمات لبنان الإقتصادية.. هل تطرقه حكومة دياب؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal