لبنان بلد مغلق.. وفاقد للمناعة!… غسان ريفي

عزَل لبنان نفسه عن العالم خوفا من وباء كورونا تنفيذا لمقررات مجلس الوزراء باعلان التعبئة العامة، فأقفل مطار رفيق الحريري الدولي منتصف ليل أمس، وهي المرة الثانية التي يُقفل فيها بعد العام 2006 بفعل العدوان الاسرائيلي، وكذلك أقفلت المعابر البرية والبحرية، ليصبح وطن الأرز جزيرة مقطعة الأوصال مع محيطها القريب والبعيد.

لا شك في أن قرار العزل جاء متأخرا، فالكورونا دخل الى لبنان في الوقت الذي كانت فيه حكومته تتفرج على أعداد المصابين يصلون من البلدان المصنفة موبوءة وينقلون العدوى الى اللبنانيين، ولو كان لدى الحكومة الشجاعة والجرأة والقرار الحر الخالي من أي إلتزام، لسارعت الى منع الطائرات الحاملة للفيروس من الدخول الى الأراضي اللبنانية، أو لكانت أجبرت الوافدين على الدخول في الحجر الصحي ضمن أماكن كان من المفترض أن تعدها مسبقا إستعدادا للمواجهة منذ أن خرج الفيروس من مدينة ووهان الصينية، لا أن تتركهم يجولون في أنحاء البلاد، لكن في كل الأحوال “أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي”.

لا شك في أن عزل لبنان عن محيطه لم يعد يكفي، فالوباء إنتشر وعداده يسجل في كل يوم إصابات جديدة، ما يتطلب مزيدا من الوعي والحكمة من قبل اللبنانيين لجهة الحرص على العزل المنزلي وعدم الاختلاط وتنفيذ بنود التعبئة العامة التي أعلنتها الحكومة لا سيما منع التجمعات، ليصار الى محاصرة الكورونا الذي تبين أنه ينتقل بسرعة فائقة، ولم يعد بالامكان مواجهته إلا بالتزام المواطنين لمنازلهم أقله حتى 29 الشهر الجاري ليُبنى على الشيء مقتضاه.

لا يختلف إثنان على أن مواجهة أي وباء يحتاج الى تدابير وقائية بالدرجة الأولى، والى مناعة تعزز من إمكانية التصدي له، وهو أمر يفتقده لبنان الذي يعاني من “اشتراكات” قد يكون لها تداعيات كارثية لاحقا على جسده الضعيف، خصوصا أن مناعته السياسية تتأرجح على وقع المصالح الداخلية والالتزامات الخارجية، ومناعته الاقتصادية والمالية مرهونة للدائنين والدول المانحه الذين ما زالوا يرفضون إعطائه الدواء الناجع، ومناعته الصحية ضعيفة في ظل الصعوبات في تأمين المستلزمات الطبية لمواجهة الوباء فضلا عن التأخير في تجهيز المستشفيات الحكومية، ومناعته الاجتماعية معدومة مع تخيير كثير من اللبنانيين بين الموت بالكورونا أو الموت من الجوع، لا سيما في ظل البطالة القسرية التي فُرضت على الطبقة العاملة والتي أضيفت الى البطالة الممتدة أفقيا، مع غياب أية مبادرات حكومية لتأمين أبسط مقومات العيش لأسرى المنازل المتساوين في المعاناة.

يمكن القول، إن لبنان بلد فاقد للمناعة، وعلى حكومته التخلي عن المكابرة، والاسراع في القيام بواجباتها في إيجاد مزيد من الأماكن للعزل، وفي تجهيز المستشفيات الحكومية في المحافظات اللبنانية تحسبا للأسوأ مع تزايد أعداد المصابين بشكل يومي، والأهم من كل ذلك، بدل أن تنتظر أن تمتلئ الصناديق التي فتحتها للتبرعات، أن تسارع الى التبرع بالموجود لآلاف العائلات الفقيرة وتأمين لقمة العيش لها، بما يبقي أفرادها على قيد الحياة.

Post Author: SafirAlChamal