كورونا يكشف هشاشة البلد وضعفه وعجزه… عبد الكافي الصمد

خبر لافت نشرته أمس وكالات الأخبار المحلية والمواقع الإخبارية على شبكة الإنترنت ومنصّات وسائل التواصل الإجتماعي، يفيد أن بلدية جبيل، وفي مبادرة لافتة منها، أعلنت أنه “تمّ الإتفاق على التعاون بين البلدية ومختبرات عقيقي وبولس في جبيل، التي تجري الفحص المخبري السريع لتشخيص الإصابة بفيروس كورونا في المنازل لكل من يحمل وصفة من طبيب مختص، على أن تتكفل البلدية بمبلغ 100 ألف ليرة لبنانية من سعر الفحص الإجمالي عن كل جبيلي، شرط أن تكون خانة المحلة أو القرية على وثيقة هويته جبيل”.

هذه المبادرة التي قامت بها بلدية جبيل إنطلاقاً من مسؤوليتها الإنسانية والوطنية، تستحق بلا شك الشكر والتقدير، لكنها تطرح تساؤلات عدّة حول غياب بقية البلديات في المناطق اللبنانية الاخرى عن القيام بمبادرات مشابهة، وكذلك غياب جهات أخرى عن القيام بخطوات من هذا النوع، في وقت يحتاج المواطن إلى أي مساعدة تمدّها إليه أي جهة لمواجهة تداعيات وخطر فيروس كورونا، خشية الإصابة به أو تفشّيه بين المواطنين.

قرار التعبئة العامّة الذي اتخذته الحكومة وفرض الحجر المنزلي على المواطنين حتى نهاية الشهر الجاري، كانت له تبعات إقتصادية ومعيشية بالغة الصعوبة، خصوصاً في طرابلس وفي مناطق شمالية أخرى، إذ اضطرت عائلات عدّة أن تحجز نفسها في بيوتها منذ أيّام، برغم أنّ أرباب هذه الأسر ومعيليها من عمّال وباعة ومياومين يعملون ويؤمّنون قوت يومهم من طعام وشراب يوماً بيوم، فضلاً عن إيجارات منازل ومحال وسيارات وغيرها يفترض بهم تأمينها مطلع كل شهر، فإذا بهم يجدون أنفسهم بلا عمل ولا مدخول، ولا من يمدّ لهم يد العون لتأمين لقمة العيش، فكيف الحال إذا ما أصيبوا بالفيروس اللعين، من سيساعدهم في نفقات الفحوصات والعلاج التي تكلف مبالغ مالية باهظة، تفوق قدرة أغلب أهالي طرابلس وجوارها الذين  يعيش أكثر من نصفهم تحت خط الفقر.

وإلى جبيل، شهدت مناطق لبنانية أخرى قيام جهات معينة، جمعية المبرّات مثلاً، بتوزيع مساعدات وحصصاً غذائية على العائلات في مناطق البقاع، بينما لم تشهد طرابلس وغيرها من المناطق، في عكّار والمنية والضنّية تحديداً، قيام جهات بمبادرات تشبه ما قامت به بلدية جبيل أو جمعية المبرّات، باستثناء ما تقوم به جمعية العزم والسعادة والجمعية الطبية الإسلامية واتحاد بلديات الضنية وغيرهم، من جهود ومساعدات ضمن الحدّ الأدنى، لكنها بالتأكيد غير كافية بالنسبة لمناطق يحتاج سكانها إلى كلّ شيء تقريباً.

وإذا كان البعض يُعوّل على الدولة أن تؤمّن له أي مساعدات طبّية أو غذائية، فإنه يبدو أشبه بالذي يحاول إمساك السراب؛ فعندما تخصّص حكومة أوستراليا لكل عائلة مبلغ 750 دولاراً مقابل بقائهم في منازلهم هذه الفترة، وعندما تخصّص حكومة ألمانيا مبلغ 500 مليار دولار لمساعدة المواطنين والشركات والمؤسسات المتضررة من فيروس كورونا، بينما تخصص الحكومة اللبنانية مبلغ 3 ملايين دولار (!) لهذه الغاية، يمكن عندها معرفة المصير الذي ينتظر اللبنانيين إذا ما تفشّى بينهم فيروس كورونا كما هو الحال في الصين أو إيران أو إيطاليا أو في إسبانيا وفرنسا وسواها من الدول.

إنّ فيروس كورونا ليس وحده الذي أنهك اللبنانيين، بل إنّ استشراء الفساد والسرقة ونهب المال العام من قبل طبقة سياسية فاجرة، وعجز الحكومة التي تبدو شبه مفلسة في بلد يعاني من تبعات سياسات فاشلة طيلة العقود الثلاث الماضية، هي الأسباب الحقيقية التي تقف وراء إنهاك البلد وجعله خاوياً وعاجزاً ومشلولاً.


مواضيع ذات صلة:

  1. زيارات دياب الخارجية تربكه: دولٌ تُحرجه ودولٌ تتجاهله… عبد الكافي الصمد

  2. خلاف المستقبل ـ القوات: حكومة دياب المستفيد الأوّل… عبد الكافي الصمد

  3. الباب السّوري مخرجٌ لأزمات لبنان الإقتصادية.. هل تطرقه حكومة دياب؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal