هل أدخل الكورونا لبنان في ″فيدرالية″ الأمر الواقع؟… غسان ريفي

في ظل تقاعس الدولة اللبنانية عن إطلاق خطة وطنية واضحة وشاملة لمواجهة وباء كورونا الذي بدأ يرخي بظلاله القاتلة على المواطنين (3 وفيات و73 إصابة والحبل على الجرار) وفي الوقت الذي يلجأ فيه رئيس الحكومة حسان دياب الى إتهام من ينتقدون إجراءات حكومته بأنهم يستهدفونه سياسيا ويزايدون عليه ويقومون بتصفية الحسابات معه على قاعدة “عنزة ولو طارت”، فإن لبنان تحول الى ″حارة كل من إيدو إلو″، وباتت كل منطقة أو بلدية أو جهة سياسية تعالج الوباء على طريقتها، وكأن الكورونا كان مناسبة لادخال لبنان في فيدرالية كانت حتى الأمس القريب مقنعة.

كثيرة هي الأمثلة التي تدل على ضعف الحكومة أمام مواجهة الوباء، لا سيما في عدم جرأتها على إعلان حالة الطوارئ وإقفال كل المعابر الجوية والبرية والبحرية بهدف عزل لبنان لفترة محددة تمكنه من محاصرة المرض الذي يؤكد كثيرون أن “المدد” وصله مجددا مع الطائرة الايرانية التي حطت في المطار ليل أمس الأول بالرغم من إعلان رئيس الحكومة وقف الرحلات من والى إيران.

في كلمته أمس الأول، أعلن رئيس الحكومة أن أمام اللبنانيين وعائلاتهم والبعثات الدبلوماسية أربعة أيام ليعودوا الى لبنان من بعض البلدان الموبوءة، بواسطة طيران الميدل إيست التي أعلنت إدارتها أنها ستسيّر رحلة الى إيطاليا لاعادة طلاب لبنانيين، لكنها فجأة أبلغت الركاب بتأجيل الرحلة من الجمعة الى الاثنين ومن ثم إلغائها، وذلك من دون أية توضيحات حول التناقض بين كلام رئيس الحكومة وتوجه إدارة الميدل إيست التي يبدو أنها لم تلتزم بالمقررات الرسمية.

بلدية جونية دعت أمس أصحاب المحلات التجارية كافة الى إغلاقها بالرغم من عدم إعلان الحكومة حالة الطوارئ التي تفرض الاقفال، لكن البلدية فرضت ذلك على مواطنيها والعاملين في نطاقها.

رئيس بلدية مجدل عنجر هدد باقفال معبر المصنع الحدودي لحماية المواطنين من خطر كورونا الآتي مع بعض الوافدين السوريين والايرانيين القادمين بالبر الى لبنان، علما أن الحكومة لم تصدر قرارا باغلاق الحدود البرية.

مطار رفيق الحريري الدولي إستقبل الطائرة الايرانية بالرغم من القرار الصادر عن الحكومة بوقف الرحلات من والى إيران.

وسائل الاعلام أعلنت حالة الطوارئ بمفردها وطلبت من المواطنين البقاء في منازلهم تحت شعار “خليك بالبيت” متجاوزة بذلك القرارات الحكومية.

بلدية زغرتا إهدن تحذو حذو بلدية جونية في إقفال المحلات وكل أماكن التجمع، في حين أن بعض البلدات والمناطق تتجه لاتخاذ قرارات بعزل نفسها عن محيطها لعدة أيام، ما يعني تقطيع أوصال الوطن من دون أي قرار رسمي.

فحص الكورونا في مستشفى الحريري الجامعي مجانا ومغطى من وزارة الصحة اللبنانية، وفي سائر المستشفيات في محافظات ومناطق أخرى بمبلغ 150 ألف ليرة.

بعض المساجد أعلنت تعليق صلاة الجمعة والجماعة، في حين أن القرار الصادر عن دار الفتوى كان باستمرار الصلاة مع إتخاذ تدابير وقائية صارمة.

بعض البلديات في مناطق عدة أعطت إجازات لموظفيها وعمالها، ووضعت برنامج عمل بالحد الأدنى لتقديم الخدمات الضرورية للمواطنين، علما أن تعطيل المؤسسات العامة يتطلب قرارا حكوميا.

هذا الواقع، يفرض سلسلة تساؤلات لجهة: هل دفع التخبط الرسمي مناطق وبلديات وهيئات الى إتخاذ إجراءات مستقلة عن الحكومة اللبنانية؟، وإذا كان الوباء ما يزال تحت السيطرة وهناك من سارع الى تدابير وقائية مستقلة، فكيف سيكون الحال إذا ما إنتشر الوباء؟، وهل سيحتاج اللبنانيون الى تأشيرات للانتقال من منطقة الى أخرى؟، وهل سترفع الحدود بين المناطق تحت شعار الأمن الصحي الذاتي؟، أم أن الحكومة ستستدرك وستتسلم زمام المبادرة لتبدأ بتنفيذ خطة وطنية متكاملة قبل أن تجد نفسها أمام فيدرالية الأمر الواقع؟..


مواضيع ذات صلة:

  1. هل ترك جهاد الصمد اللقاء التشاوري؟… غسان ريفي

  2. الى بعض ثوار طرابلس.. لا تُعيدوا تجربة ″قادة المحاور″!… غسان ريفي

  3. في لبنان.. من لم يمت بـ″الكورونا″ مات بغيره!!!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal