كورونا يُهدّد لبنان بكارثة حقيقية والحكومة تقف عاجزة… عبد الكافي الصمد

أكثر من مفارقة لافتة متعلقة بفيروس “كورونا” طرأت في الساعات الـ24 الأخيرة في لبنان والعالم، إن دلّت على شيء فإنّها دلّت على أن الفيروس أصبح همّاً عالمياً يؤرق أغلب الدول  بلا استثناء، منها من تعامل معه بجدّية واستطاعت إحتواءه، أو في طريقها إلى ذلك، ومنها من تعاملت معه باستهتار وقلة حيلة وضعف إمكانات، فكان طبيعياً أن تأتي النتائج مختلفة جذرياً بين هذه الدول وتلك.

ففي الصين، البلد الذي انطلق فيروس كورونا أواخر العام الماضي وأرعب العالم وتسبّب بانهيار إقتصادات دول وقطاعات مختلفة، أعلنت حكومة بكين أمس أنها تجاوزت ذروة تفشي الفيروس، ‏وذلك بعد انخفاض عدد ‏الإصابات، في بلد أصيب فيه أكثر من 80 ألف شخص بالفيروس، كما انخفض عدد الإصابات اليومية الجديدة بشكل ثابت في الأسابيع الأخيرة في الصين، ما ‏يؤشر ‏إلى أن الإجراءات غير المسبوقة بإغلاق المدن التي اتبعتها الحكومة تؤتي ثمارها، ما دفع الحكومة الصينية إلى إغلاق جميع المستشفيات المنشأة مؤقتاً والتي تضم نحو 1700 سريرا، ‏لمكافحة الفيروس في مدينة ووهان، البؤرة التي انطلق منها الفيروس، وذلك بعد انخفاض عدد الإصابات.

بالمقابل، كانت هستيريا الخوف من فيروس كورونا تجتاح العالم، ما دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس، إلى اتخاذ قرار كان له وقع الزلزال يقضي بتعليق دخول المسافرين من دول منطقة “شنغن” (الإتحاد الأوروبي) لمدة 30 يوماً إلى الولايات المتّحدة”، ما أثار غضب المفوضية الأوروبية والإتحاد الأوروبي لأنهم لم يتبلغوا بالأمر مسبقاً، ونظراً لانعكاساته على اقتصادهم وبورصاتهم المالية التي شهدت أمس إنهياراً تاريخياً غير مسبوق، لكن ترامب ردّ على استياء حلفائه باستهزاء واستخفاف واضحين، بقوله إنه لم يجد وقتاً كافياً لفعل ذلك!

عدا عن ذلك فإن دولاً أخرى كانت تعمد إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة مخاطر تفشّي الفيروس لديها، تشمل إجراءات حظر تجوّل وحجر منزلي على المواطنين، بينما كان وزير الصحّة في لبنان وأركان الحكومة عندنا يقولون للبنانيين إنه لا داع للهلع!

فحتّى اليوم، وبرغم المخاطر الجدّية التي تهدد لبنان وتنذر بالأسوأ، لم تقدم الحكومة على اتخاذ خطوة الحظر والحجر المنزلي على المواطنين، ولا تعطيل مؤسسات الدولة أو القطاع الخاص لمدة أسبوعين، قبل وقوع المحظور، وخروج الوضع عن السيطرة، ولا تسهيل إجراء الفحص المفترض على المواطنين إتخاذه لتفادي إصابتهم بالفيروس، أو فتح مختبرات في المناطق بدل حصرها في العاصمة بيروت وجوارها، أو جعل أجهزة الدولة ومؤسساتها في حالة استنفار شاملة، وهي خطوات لم تقدم عليها الحكومة ليس لأنها تعاني من ضعف بنيوي في هيكليتها، بل لأنها أيضاً واقعة تحت عجز مالي ضخم جعلها تقدم على اقتطاع مبلغ 3 ملايين دولار من قرض البنك الدولي وتخصيصه لوزارة الصحّة، وهو مبلغ زهيد بالكاد سيجعلها تقوم بالحدّ الأدنى ممّا يتوجب عليها القيام به تجاه المواطنين.

لكن الخطر الذي يهدد بانتشار فيروس كورونا في لبنان لا يقتصر على احتمال إصابة أحد اللبنانيين به وتفشّيه وسط محيطه، بل إن التجاهل التام من قبل الدولة والجهات الدولية المعنية لمخيمات وتجمعات النّازحين السوريين والفلسطينيين في لبنان، مثل الأونروا والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، يجعل البلد يقف فوق فوهة بركان من المخاطر لا أحد يدرك متى سينفجر، ولا الحجم الكارثي الذي سيتركه خلفه.


مواضيع ذات صلة:

  1. زيارات دياب الخارجية تربكه: دولٌ تُحرجه ودولٌ تتجاهله… عبد الكافي الصمد

  2. خلاف المستقبل ـ القوات: حكومة دياب المستفيد الأوّل… عبد الكافي الصمد

  3. الباب السّوري مخرجٌ لأزمات لبنان الإقتصادية.. هل تطرقه حكومة دياب؟… عبد الكافي الصمد


Post Author: SafirAlChamal