كورونا بدأ يقتل.. والحكومة تعيش هاجس الاستهداف والمزايدة!… غسان ريفي

بعد إعلان الافلاس المالي، يتجه لبنان نحو الافلاس الصحي، وإذا كان الأول يمكن أن يواجه بعدم دفع الديون المتوجبة على البلد من سندات اليوروبوند، فإن مواجهة الثاني تحتاج الى إمكانات ومستلزمات وقدرات وقرارات حاسمة يبدو حتى الآن أنها غير متوفرة، في ظل حالة من الارتباك تسيطر على الحكومة التي يعيش رئيسها هاجس إستهدافها وتسجيل النقاط والمزايدة عليها، بدل أن يعيش هاجس شعبه غير المحصّن صحيا وإجتماعيا والمهدد بخطر كورونا الذي بدأ يتمدد أفقيا بشكل مخيف.

تجتمع حكومة بريطانيا العظمى اليوم إستثنائيا للبحث في كيفية مواجهة مخاطر كورونا بالرغم من كل ما تمتلكه من إمكانات وقدرات، ولبنان ما يزال يعتمد على لجنة مصغرة تجتمع عندما تدعو الحاجة، وهي رفعت أمس من مستوى جهوزيتها بإنضمام رئيس الحكومة إليها وتوجيهه كلمة الى اللبنانيين ليبلغهم أن “لبنان من أوائل البلدان التي إتخذت الاجراءات لمواجهة كورونا وأن سفراء الدول تقدموا منه بالتهنئة على أهمية هذه الاجراءات”، في الوقت الذي كان فيه اللبنانيون ينعون إثنين من ضحايا كورونا ويشهدون على تزايد عدد الاصابات وصولا الى الرقم 66، وهو بحسب كل التقارير الصحية مرشح للتصاعد بمعدل 30 بالمئة يوميا، فيما إجراءات المواجهة تسير ببطء السلحفاة وربما أقل بطئا.

لم يكد رئيس الحكومة ينتهي من إلقاء كلمته التي أعلن فيها عن وقف الرحلات من والى الصين وإيران وكوريا الجنوبية وإيطاليا، حتى حطت على أرض مطار رفيق الحريري الدولي طائرة إيرانية على متنها 105 ركاب لم تظهر عليهم بحسب الفرق الطبية التابعة لوزارة الصحة أية عوارض كورونا، في حين بات معلوما أن فترة حضانة الفيروس في الجسم تستمر 14 يوما، ما يعني أن 105 حالات إضافية تهدد لبنان وشعبه، وبدل أن تسارع وزارة الصحة الى الحجر عليهم وعزلهم أقله لفترة إسبوع للتأكد من أنهم لا يحملون هذا المرض، إكتفت بقياس الحرارة وأوصتهم بضرورة عزل أنفسهم في أماكن تواجدهم، وهذا التدبير غير المسؤول هو من ساهم في تفشي الوباء منذ أن عجزت الدولة عن وقف الرحلات من البلدان الموبوءة أو الحجر على كل الركاب الذين وصلوا منها في أماكن كان من المفترض أن تعد سلفا لكن ذلك لم يحصل.

لم يعد الأمر مزحة، أو قابلا للدلال أو الترف، أو لتضعه الحكومة في خانة الاستهداف أو المزايدة في حال أراد البعض لفت نظرها الى بعض الأمور الضرورية الواجب عليها إتخاذها، فالوباء ينتشر بسرعة وبدأ يطلق شبح الموت، والامكانات أضعف مما يتخيل البعض، فلا غرف عزل إضافية ولا أجهزة تنفس كافية، ما يعني أن إرتفاع عدد المصابين سيؤدي الى كارثة حقيقية، ما يستدعي إعلان حالة طوارئ فورية لاتخاذ كل التدابير الاستباقية التي يمكن أن تحمي اللبنانيين، وأن تسارع الحكومة الى تجهيز المستشفيات بالمستلزمات والمعدات الطبية المطلوبة، خصوصا أن رئيس الحكومة حسان دياب عندما أعلن تعليق دفع سندات اليوروبوند، قال: “كيف يمكننا أن ندفع للدائنين ونترك المستشفيات تعاني من نقص في المستلزمات الطبية؟ أو لا نستطيع تأمين الرعاية الصحية للناس؟”.. ما يدفع الى التساؤل، أين تأمين هذه المستلزمات؟، وأين هذه الرعاية؟، وأين الاستعدادات للمواجهة؟ الأمر الذي يؤكد أن اللبنانيين متروكون صحيا، كما أنهم متروكون سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا وأمنيا.

بالأمس، تحول إنعدام ثقة الناس بالدولة أمرا واقعا، فبادرت وسائل الاعلام الى إطلاق حملة لدفع المواطنين الى حماية أنفسهم بأنفسهم من خلال دعوتهم الى البقاء في المنازل تحت شعار “#خليك_بالبيت” والكف عن الاختلاط وعن كل العادات اللبنانية الأخرى، وفق قاعدة “ما حك جلدك مثل ظفرك” خصوصا عندما تكون الدولة تعيش حالة إنفصام أو في كوكب آخر.

Post Author: SafirAlChamal