ما هو مستقبل مؤسسات الرعاية في لبنان؟

تعمل المنظمات غير الحكومية الدولية الناشطة في لبنان بأجندة واضحة، وبأهداف آنية ومدججة بالاعلام، وبالتأثير عبر مواقع التواصل، وومن دون ذكر مشكلة النزوح وغياب برامج دعم البيئة الحاضنة، وتستورد دراسات يتم اسقاطهاعن لبنان إن كانت اقتصادية او اجتماعية او سياسية من دون مراعاة الخاصية اللبنانية، فمثالا على ذلك تقارير وردت الى وزارة الشؤون الاجتماعية تصنف المؤسسات والنظام الرعائي بأنه نظام حجز للحريات، وفي بعض الاحيان وضعت المؤسسات بمراكز “ادلجة” حسب الاتجاه الديني او السياسي للجمعيات التي هي بأغلبها تابعة لمراجع سياسية او روحية، كما تورد بعض الدراسات التشجيع على التبني، وقد غاب عنها تحريم التبني في الدين الاسلامي وخطورة استغلال البعض لهذا الامر من دون الية قانونية واضحة ومرجعية القضاء المختص المخوّل بإصدار هكذا قرارات وتضارب الصلاحيات بين القضاء الروحي والمدني في لبنان.

تشير دارسة أخرى بأن “المودَعين” في مؤسسات الرعاية من الايتام لا تصل نسبتهم العشرون في المئة كحد اقصى، ويتوزع الثمانون في المئة المتبقون من مسعَفين يريدون تلقي دراسة نوعية او مهنية افضل من المدارس والمعاهد الرسمية، وبينهم اطفال ضحايا للطلاق وللهروب من المسؤولية الوالدية وكثرة الانجاب، اضافة الى عدة اسباب لا يكون افضلها سببا وجيها لسلخ الطفل عن اسرته.

وتبقى نسبة من الحالات التي كان صدر بها قرار حماية او تستوجب مقتضيات الرعاية وجودها في المؤسسات ضرورة ملحة، والتي لا تتعدى العشرين في المئة.

تبدي ادارة وزارة الشؤون الاجتماعية مع فريق المرشدات الاجتماعيات انفتاحا على هذه المعطيات خاصة بعد تجربتها  “مشروع الاسر الاكثر فقر”، وتتلمس الحاجة لتغير فئات الايتام والرضيع والعادي .

أ- الرعاية الداخلية لفئات الايتام والرضيع  والعادي .

ب-  التعليم المهني الداخلي

ج- التدريب المهني الداخلي

د- التعليم المهني الخارجي

واضافة فئة الرعاية نصف الداخلية التي تساعد الطفل “المسعَف”على تخطي المرحلة الحساسة في حياته دون سلخه عن اسرته او احد من ذويه في حال اليتم وتؤمن له التقديمات الاساسية من تعليم وتدريب ودعم نفسي وتربوي اضافة الى اللباس والغذاء والتعليم الخصوصي بعد الدوام لينتقل الى حضن اسرته بعد ذلك.

لا شك في ان هذا يعود بنا الى قدرة الدولة على الالتزام بقرار لجان سعر الكلفة التي كان اخرها صادر عام 2011 التي لم يعمل بقراراتها، وما زالت مساهمة الدولة اصلا من ميزانيتها الى وزارة الشؤون لا تتعدى ال 1% ولا يتعدى بدل الرعاية الى 6000 ليرة لبنانية ( ستة الاف ليرة لبنانية) اي ما يعادل دولارين ونص الدولار، او كما كان يصف احد وزراء الشؤون انها ثمن “سندويش فلافل”

إن هذا القطاع يشكل شبكة امان اجتماعي، ولقد كان حاضرا إبان الحرب الاهلية، عندما كانت الدولة غائبة، وهو يؤمن فرص عمل لحوالي خمسة عشر الف موظف واختصاصي وطبيب ومستشار قانوني ومعلمة ومدرب حتى سائق الحافلة والحارس.

لا شك أنّه من دون المستجدات الأخيرة والأزمة المالية والسياسية المتفاقمة، كانت المؤسسات الرعائية تنوء تحت وطأة ديون حادّة ، وعجز في تسديد المستحقات للموردين والموظفين، ناهيك عن الإستهداف الإعلامي عن أيّ خطأ قدي يحدث في اية جمعية او دار للايتام او مركز رعاية المسنين ليتم التعميم على باقي المؤسسات والدور.

وهذه المؤسسات لديها شراكة مع وزارة الشؤون الاجتماعية التي تواكب الرعاية منذ البداية من خلال البحث الاجتماعي للمسعَف حتى متابعته في المؤسسة الرعائية والاشراف على حسن سير العمل بالتعاون فيما بينها ضمن الاطر القانونية وأصول التعاقد.

امام هذا المشهد، فإن الدولة اللبنانية مدعوة من خلال الرئاسات الثلاث ووزارتيّ الشؤون الاجتماعية والمالية، الى الحفاظ على هذه الشبكة الاجتماعية، وشد حبالها وتقوية اساساتها، وعدم السماح بتمزقها حتى لا يقع من يحتمي بها ارضا، بل صونها ودعمها بكل السبل لتصل بمن عليها الى بر الامان.

بقلم: أدهم معماري (ادارة منظمات حكومية)

عضو الهيئة الادارية في المجلس الوطني للخدمة الاجتماعية.

Post Author: SafirAlChamal