زلزال قضائي يضرب 20 مصرفاً: ليلة قبض على الإحتيال أم ضرب الإقتصاد؟… عبد الكافي الصمد

″زلزال″. هذا الوصف كان الأكثر تداولاً أمس تعليقاً على  القرار الذي أصدره النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم، والذي قضى بوضع إشارة ″منع تصرف″ على أصول عشرين مصرفاً لبنانياً، والتي تم إبلاغها إلى المديرية العامة للشؤون العقارية، وأمانة السجل التجاري، وهيئة إدارة السير والآليات، وحاكمية مصرف لبنان، وجمعية المصارف وهيئة الاسواق المالية.

قرار ابراهيم أثار الرعب والقلق والخوف في الأسواق المالية، وطرح مخاوف حول خلفياته ودوافعه، وهل أتى في وقته المناسب أم تأخر أم استبق الأمور والتحقيقات؟، عدا عن تساؤلات عن تداعيات هذا القرار غير المسبوق على القطاع المصرفي والوضع المالي والنقدي ومعه الوضعين الإقتصادي والمعيشي، عشية قرار ينتظر أن تتخذه الحكومة بما يتعلق باستحقاق سندات اليوروبوند المتوجبة على لبنان.

لكن الأهم من كلّ ذلك كان السؤال المفصلي يدور حول إلى أين يمكن أن يصل قرار القاضي ابراهيم؟، وهل أقدم على اتخاذ هكذا قرار “كبير” بلا غطاء سياسي؟، وهل منع تصرف 20 مصرفاً في أصولهم يمكن أن يمرّ بلا هزّة من العيار الثقيل وستصيب قطاعاً لطالما وصف نفسه بأنه العمود الفقري والداعم الأساسي للإقتصاد الوطني، ولبقاء الدولة واقفة على رجليها في أصعب الأوقات؟

غير أن قرار القاضي ابراهيم كان بمثابة تأكيد الإتهامات بأن مصارف قامت بتهريب أموال المودعين إلى الخارج في عزّ الأزمة، ما جعلها تستفحل بهذا الشكل، إذ تشير معلومات مؤكّدة في هذا الصدد أنّ مصارف حوّلت إلى خارج لبنان بعد اندلاع الحراك الشعبي في 17 تشرين الأول الماضي قرابة 6 مليارات دولار، فضلا عن قيام مصارف ببيع سندات خزينة للدولة اللبنانية، ما أسهم في انهيارها ووقوع لبنان رهينة الأزمة الكبيرة التي يتخبّط بها اليوم.

ردود الفعل الاولية على قرار ابراهيم كانت متناقضة، ما بين من اعتبروا المصرف المركزي متامرا مع حاكمه رياض سلامة مع المصارف في ضياع وتبديد اموال المودعين، وانهما قاما بـ”أكبر عملية نصب وإحتيال على أموال الشعب اللبناني، وبين اخرين اعتبروا قرار القاضي ابراهيم ضربة للإقتصاد الوطني الذي تشكل المصارف عموده الرئيسي، وأن هناك مؤامرة لإسقاط المصارف تمهيداً لإسقاط لبنان ووضع اليد عليه.

وفي حين تسارعت الإتصالات واللقاءات بين المصارف، أشارت معلومات أولية مساء أمس إلى أن المشاورات داخل جمعية المصارف تتجه إلى الإتفاق على إقفال المصارف والإضراب يومي الجمعة والسبت، ردّاً على قرار القاضي ابراهيم، الذي أوضح أن “القرار المتخذ هو تدبير مؤقت يطال الأصول الثابتة للمصارف ولا علاقة له بأموالهم”.

واستغرب القاضي ابراهيم الضجّة المضخّمة حول القرار، معتبراً أنه ملف كغيره من الملفات القضائية التي نتابعها؛ فمنع التصرف بالأصول تعني بكل بساطة أنّه ممنوع التصرّف بالأسهم والعقارات والسّيارات والممتلكات والمباني، مؤكداً بلهجة المطمئن والواثق من قراره أن الخطوة لا تحمي المودعين فقط إنّما تحدث أيضاً هزّة كبيرة للمصارف، إذ بذلك نقول لهم لا يعتقدنّ أحدٌ منكم بأنّكم فوق الغربال.

غير أن القرار أثار قلق المودعين وخشية من أن يكون مقدمة لضياع أموالهم، ما دفع مصادر مطلعة إلى التأكيد أن القرار لا يؤثر على المودعين أو زبائن المصارف، لا بل بالعكس يريح المواطن، إذ يمنع المصرف من بيع أصوله، ويكبّل حريّته في هذه الظروف التي تمرّ فيها البلاد، معتبرة أن الأهمّ في القرار، هو أنّه يشمل أملاك رؤساء ومجالس إدارة المصارف، علماً أنّ تهريب الأموال إلى الخارج لأولئك على سبيل المثال أسهل من تهريب المصارف للأموال مثلاً.


مواضيع ذات صلة:

  1. زيارات دياب الخارجية تربكه: دولٌ تُحرجه ودولٌ تتجاهله… عبد الكافي الصمد

  2. خلاف المستقبل ـ القوات: حكومة دياب المستفيد الأوّل… عبد الكافي الصمد

  3. الباب السّوري مخرجٌ لأزمات لبنان الإقتصادية.. هل تطرقه حكومة دياب؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal