طرابلس تختنق.. إفتحوا ساحة النور!… غسان ريفي

عندما إنطلقت ثورة 17 تشرين الأول تحولت ساحة عبدالحميد كرامي (النور) الى مقصد لأبناء طرابلس وزوارها الذين قدموا مجتمعين صورة مشرقة عن الفيحاء الثائرة على الظلم بالأعلام اللبنانية وبالخطاب الوطني الجامع.

في حينها فرضت الحشود الشعبية إقفال ساحة النور التي ضاقت على روادها من الثوار الذين كانوا يفيضون صباحا ومساء الى الشوارع المحيطة التي كانت أيضا تحتاج الى إقفال لاحتضان المواطنين المتحمسين للتغيير.

وبما أن ساحة النور التي لها تاريخ طويل مع التحركات والاعتصامات والتظاهرات، غدت مكانا وحيدا في الشمال للتجمعات الشعبية اليومية والأنشطة الثورية، فقد إنتشرت على جنباتها عدد من البسطات التي أراد أصحابها من الفقراء ضرب عصفورين بحجر واحد لجهة المشاركة في الثورة، والاستفادة ببعض الرزق لتأمين قوت عائلاتهم.

كانت ساحة النور واحدة من ساحات عدة في لبنان تم إقفالها لاستضافة التحركات والأنشطة الثورية، من عكار الى البترون الى جبيل فالزوق، وجونية وساحتي الشهداء ورياض الصلح ودوار إيليا في صيدا وصولا الى صور والنبطية وكفررمان وغيرها، حيث كانت جميعها تعج بالمحتجين بشكل يومي وتتنقل وسائل الاعلام في تغطيتها من واحدة الى أخرى.

لم تبق الثورة على زخمها، فتراجعت الى أدنى حد لا سيما بعدما إخترقتها السلطة، ودخلت التيارات السياسية كشريك مضارب لها، وتحولت الى تحركات إسبوعية أو عندما تدعو الحاجة، وبات قطع الطرقات من التجاوزات التي يتصدى لها الجيش اللبناني.

أمام هذا الواقع، تم فتح كل الساحات والشوارع التي أقفلها الثوار، باستثناء ساحة النور التي ما تزال مقفلة من دون أية أسباب موجبة، خصوصا بعدما هجرها الثوار وأبناء المدينة وتحولت الى سوق للبسطات والتخشيبات العشوائية التي تسيء الى وجه طرابلس الحضاري، ما يطرح سلسلة تساؤلات لجهة: ما جدوى الابقاء على إقفال ساحة خالية من الثوار؟، ومن هي الجهة التي تتخذ القرار باستمرار إقفالها؟، وأين الأجهزة الأمنية من هذا الاقفال؟، ولماذا لم تبادر حتى الآن الى تحمل مسؤولياتها وإعادة فتحها؟، وأين الطرابلسيين المتضررين من هذا الأمر؟.

لا يخفى على أحد أن ساحة النور تشكل الشريان الأساسي والوحيد في طرابلس كونها تضم تسعة مسارب تصل كل المناطق الطرابلسية ببعضها البعض، وأن إقفالها يخنق المدينة وأهلها الذين يعانون الأمرين في تنقلاتهم على مدار ساعات النهار، كما يمنع توافد أبناء المناطق الشمالية الى من يفترض بها أنها عاصمة ثانية نظرا لزحمة السير الخانقة التي تتخبط بها بفعل هذا الاقفال المستمر وغير المبرر.

لا يعني فتح ساحة النور إنتهاء الثورة، ولا يسيء ذلك الى رمزيتها، فالثورة إنطلقت لتواجه الظلم والمحاصصة والسرقات ولتُسقط نظاما يتفنن في سياسات الاهمال والحرمان لطرابلس، وهي لم تأت لتضاعف من حجم الضغط على طرابلس وأهلها لدرجة الاختناق والاساءة الى صورتها وتشويه سمعتها باحدى الخيم المشبوهة التي داهمتها القوى الأمنية أمس الأول وأوقفت من فيها.

لا يعني فتح ساحة النور إنتهاء الثورة، بل على العكس فإن الثورة تحتاج الى أن تتنفس بساحات وشوارع مفتوحة وسالكة وآمنة، وهي ستبقى مكانا للتجمع والنشاطات والتحركات لكن الاقفال يكون منظما ولفترات محددة ثم تعود الى حركتها التي تحتاجها المدينة.

لا يعني فتح ساحة النور إنتهاء الثورة، بل إن إستمرار إقفالها يسيء الى الثورة التي أصبحت على الطرابلسيين أنفسهم وليس على السلطة، فلا الرؤساء ولا الوزراء ولا النواب ولا المدراء العامين يسلكون طريق الساحة، بل هي تعيق طريق أبناء طرابلس وزوارها وروادها.

سارعوا الى فتح ساحة النور، قبل أن يثور أبناء طرابلس على الثورة.


مواضيع ذات صلة:

  1. الى بعض ثوار طرابلس.. لا تُعيدوا تجربة ″قادة المحاور″!… غسان ريفي

  2. في لبنان.. من لم يمت بـ″الكورونا″ مات بغيره!!!… غسان ريفي

  3. الحريري الجديد.. صديق حزب الله؟!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal