مخاطر فيروس ″كورونا″: العالم في وادٍ ولبنان في وادٍ آخر!… عبد الكافي الصمد

في الوقت الذي تعيش فيه دول العالم قلقاً ورعباً وإرباكاً غير مسبوقين بما يتعلق بفيروس ″كورونا″، حيث انقلبت فيها الأمور رأساً على عقب، وشهدت دورة الحياة في عدد كبير من البلدان تبدّلاً جذرياً على كلّ أنماط الحياة فيها، يبدو لبنان وكأنه يعيش في عالم آخر، برغم تأثره بشكل مباشر بهذا الفيروس، والإعلان عن ظهور 3 إصابات به، حتى يوم أمس، ما أثار مخاوف من أن يكون هذا الإستخفاف والإستلشاق الرسمي به، وعدم التعاطي معه بالحدّ الأدنى من الجدّية المطلوبة، مقدمة لتفشّي هذا الفيروس في لبنان على نطاق واسع وخروجه عن السيطرة.

تكفي إطلالة سريعة على الإجراءات التي اتخذتها مؤخراً دول إنتشر فيها هذا الفيروس، وعلى ما قام به لبنان، أو بعبارة أصح ما لم يقم به حتى الآن مقارنة بها، حتى يتبين الفارق بين دولة مسؤولة عن شعبها وأمنها الصحّي، وعن دولة لا تلوي على شيء.

أبرز هذه الدول السعودية، التي أعلنت أمس أنها “علقت موقتاً دخول الراغبين بأداء العمرة إلى أراضيها، وزيارة المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة، في إطار سلسلة إجراءات إحترازية ترمي لمنع وصول فيروس كورونا المستجد إلى المملكة”، فضلاً عن الكويت التي علقت الدروس في جامعاتها ومدارسها لأسبوعين، واليونان التي أجّلت الكرنفال السنوي الذي تقيمه، وإيطاليا التي شلّت فيها الحركة بشكل شبه كلّي، من حركة الأسواق إلى المترو إلى المباريات الرياضية التي باتت تقام بلا جمهور.

هذه المقارنة بين لبنان وبقية دول العالم المصابة أو العرضة للإصابة بفيروس “كورونا” كانت يوم أمس مأساوية، ومضحكة ومبكية في آن، ففي حين دعا رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أمس، إلى “إغلاق المدارس الرسمية في البلاد موقتاً إعتباراً من الإثنين، لتجنّب تفشي فيروس كورونا المستجد”، إكتفى وزير التربية طارق المجذوب، في مؤتمر صحافي عقده أمس، مع الأخذ بعين الإعتبار الفارق الهائل بين كوكب اليابان ولبنان، بالقول إنه “أطلقنا دورات لمدراء  المدارس الرسمية والمؤسسات المهنية والجامعية لمتابعة التدابير التي بدأتها الوزارة بالمدارس، ضمن حملة النفير العام لحشد الطاقات الصحية والتربوية والإعلامية”.

كلام وزير التربية لم يثر الإستغراب فقط، بل كان موضع سخرية ونقد واسعين، إذ يعلم القاصي والداني أن أغلب المدارس الرسمية لا تتوافر فيها الشروط الصحّية بالحدّ الأدنى، كما أن عدداً كبيراً من المدارس لا يتوافر في حمّاماتها المتواضعة الصابون وأدوات التعقيم، ومع ذلك فإن وزير التربية لم يدفعه الحرص على اتخاذ خطوة تعليق العام الدراسي ولو أيّاماً، فهل ينتظر وقوع كارثة تفشي الفيروس حتى يُقدم على اتخاذ هكذا خطوة إحترازية؟.

يضاف إلى ذلك أن لبنان لم يقدم على خطوة مقاطعة ومنع السفر إلى البلدان التي ينتشر فيها فيروس “كورونا”، مثل الصين وكوريا وإيران وإيطاليا وفرنسا أكثر من غيرها من الدول بعد أن جرى تسييس القرار، ما بين داعين إلى مقاطعة إيران إنطلاقاً من خصومة وعداء سياسي معها، وبين حلفائها الذين يحتجّون بأنّه يجب في المقابل أيضاً مقاطعة إيطاليا وفرنسا، حتى لا تكون المقاطعة إستنسابية.

إذا كانت الحكومة اللبنانية تواجه خطر فيروس “كورونا” بهذا الشكل، فليبشر اللبنانيون بالصحّة وطول العمر!.


مواضيع ذات صلة:

  1. زيارات دياب الخارجية تربكه: دولٌ تُحرجه ودولٌ تتجاهله… عبد الكافي الصمد

  2. خلاف المستقبل ـ القوات: حكومة دياب المستفيد الأوّل… عبد الكافي الصمد

  3. الباب السّوري مخرجٌ لأزمات لبنان الإقتصادية.. هل تطرقه حكومة دياب؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal