الدّولة في مواجهة ″دولة المصارف″: الكلمة الأخيرة لمن؟… عبد الكافي الصمد

لا حديث في لبنان الرسمي والشّعبي هذه الأيام، إلا عن ديون لبنان الخارجية (سندات اليوروبوند) التي تستحق في شهر آذار والأشهر الثلاثة التالية، وهي ديون تزيد على 3.5 مليارات دولار أميركي، والسؤال، هل أن الحكومة ستقدم على دفعها في ظلّ حالة شبه الإفلاس التي تعاني منها الخزينة العامّة؟، أم أنها ستطلب إعادة جدولتها وتأجيل دفعها بعضاً من الوقت، أشهر وسنوات، بانتظار العثور على مخارج وحلول للأزمة ليست متوافرة بعد، بل كلّ ما في الأمر أنها تحاول “شراء” الوقت وتأجيل وقوع الكارثة، لعلّ وعسى يكون الزمن كفيلاً بحلّها؟.

ومع أن الحكومة لم تُقدّم رؤيتها لمعالجة هذه الأزمة، فضلاً عن معالجة الأزمات الإقتصادية الخانقة التي تعاني منها البلاد والمواطنين بشكل جعل الكلّ يقف على حافّة الإفلاس والإنهيار، شهدت الأيام القليلة الماضية تطورات بالغة الأهمية في هذا السياق، وطرحت أسئلة حول ما إذا كانت المحاولات التي تبذل في هذا السياق جدّية؟، وهل أن الدولة القائمة تستطيع القيام بهذه المهمّة؟، أم أنّ ضعفها مقابل سلطة الزعامات الطائفية والمصارف تحديداً، التي تتحكم بكل مفاصل الدولة، يجعلها عاجزة عن ذلك، لا بل إن أي حلّ تقدّمه الدولة سيخضع مسبقاً لموافقة الممسكين بسلطتي الطوائف والمال؟

أبرز هذه الأسئلة ـ الملاحظات تتمثل بالتالي:

أولاً: كان لافتاً ومثيراً للإستغراب، ويدلّ على أن سلطة الدولة على المصارف ليست موجودة ولو شكلاً، ما تم تداوله ونشره قبل عدّة أيّام عن أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ما يزال يمتنع حتى الآن عن تسليم رئاستي الجمهورية والحكومة كشفاً بموجودات المصرف المركزي باحتياطاته من العملات الأجنبية، برغم طلبهما المتكرر منه ذلك، إضافة إلى طلب مماثل من وزارة المال.

وما كان لافتاً ومثيراً للإستغراب أكثر أنه خلال إجتماع لوفود إقتصادية أجنبية مع جهات رسمية حضره ممثل عن الحاكم وممثلين عن الحكومة ووزارة المال، قبل أيام، رفض ممثل الحاكم إطلاع الوفود الأجنبية على حقيقة الوضع النقدي والمالي في البلاد بحضور الممثلين الرسميين، وتصريحه أنه مستعد لذلك خلال لقاء مغلق مع الوفود الأجنبية، فهل الحاكم تابع للسلطة اللبنانية أم لسلطة أخرى، وكيف يمكن تبرير هذا السلوك؟

ثانياً: ذكرت معلومات موثوق بها لمصادر صحافية مختلفة ضلوع 4 مصارف لبنانية في عملية بيع سندات ″اليوروبوند″ إلى مؤسّسات وصناديق خارجية، سواءً بغرض التخلّص من عبئها وتسييل قيمتها، أو عبر إيداعها باسم هذه المؤسسات في سبيل الضغط على الدولة في عملية التفاوض مع الجهات الدولية لضمان تحصيل قيمة هذه السندات. لكن المسألة ليست في مدى قانونية هذا الإجراء أم لا، بل هي مسألة تتعلق بالتشكيك بمدى أخلاقية إعتماد هكذا خطوة في ظل الأزمة المستفحلة بالإقتصاد المحلي، في خطوة جعلت أسعار بعض هذه السندات ينخفض في الساعات الـ48 الماضية إلى رقم قياسي.

ثالثاً: يتداول البعض حلولاً للأزمة النقدية والمالية الأخيرة ستأتي على حساب المواطنين وصغار المودعين في المصارف المهدّدين بخسارة جنى عمرهم، وتجنيب المصارف تحمّل أي أعباء. من بين هذه الإقتراحات ـ الحلول تجميد الودائع في المصارف لمدة تراوح بين ثلاث وخمس سنوات، على أن تُمنح فوائد على التجميد بمعدل 4%، مقابل فرض ضريبة على هذه الفائدة، من شأنها أن تؤمّن للخزينة العامّة ما يقارب 4 مليارات دولار سنوياً.

رابعاً: ذكرت إحدى الصحف يوم أمس (جريدة ″اللواء″)، نقلاً عن موقع ″بلومبرغ″ أنّ إحدى الشركات الأجنبية التي طلب منها لبنان تقديم إستشارات للحكومة بشأن سندات ″اليوروبوند″ قد طلبت بدل أتعاب بقيمة 30 مليون دولاراً أميركياً!

كما ذكرت الجريدة نفسها أن شركة يملكها آل روتشيلد كانت من بين الشركات التي تقدمت بعروض في هذا المجال، ما أثار تساؤلات وشكوكاً لم تجد أي أجوبة عليها من قبل الجهات الرسمية المعنية.


مواضيع ذات صلة:

  1. زيارات دياب الخارجية تربكه: دولٌ تُحرجه ودولٌ تتجاهله… عبد الكافي الصمد

  2. خلاف المستقبل ـ القوات: حكومة دياب المستفيد الأوّل… عبد الكافي الصمد

  3. الباب السّوري مخرجٌ لأزمات لبنان الإقتصادية.. هل تطرقه حكومة دياب؟… عبد الكافي الصمد


Post Author: SafirAlChamal