هل اقتنع رجال الدين في لبنان بالدولة المدنية؟… مرسال الترس

شكل الارتباط والتشابك بين الدين والدولة في لبنان منذ الاستقلال حالة من عدم التوازن كما يعتقد العديد من المراقبين، الأمر الذي أدى الى صراعات وحروب على خلفيات طائفية ومذهبية تنافساً على الحصص لصالح هذه الطائفة او تلك، على حساب الدولة التي تتطلب كفاءات واختصاصيين لتنجح بدورها.

ولأن كل تفصيل في الدولة اللبنانية، وهي في اليوبيل الماسي لاستقلالها، بات يحتاج الى توافق كل الافرقاء السياسيين، اصبحت الدولة مرهقة بالموظفين، وباتت الادارات والمؤسسات تُدار بمحسوبية فجّة، وباشخاص ينتمون الى الطوائف والمذاهب من دون أية ميزات اخرى!

ولذلك يلاحظ الجميع أن أي أجراء يُتخذ له علاقة بهذه الطائفة أو ذاك المذهب، بقصد أو بسطحية أو بخبث، يُمكن أن يؤدي الى إشتعال فتيل أزمة نعرف كيف تبدأ ولا ندرك حجم سلبياتها وتشعباتها:

دار الافتاء اعترضت بشدة عام 1975 على طرح يقول بالتعطيل يوم السبت، واصرّت على ان يكون ذلك يوم الجمعة الامر الذي وتّر الاجواء طائفياً في مرحلة حساسة جداً، في حين تم تمريره بعد اربعين سنة بدون ضوضاء، وكأن شيئاً لم يحصل!

وفي العام 2006 اتخذ مجلس الوزراء، على حين غفلة، قراراً بعدم التعطيل في بعض الاعياد ومنها يوم الجمعة العظيمة الذي يعتبره المسيحيون من أقدس الايام في طقوسهم. وكاد الامر يُحدث أزمة مستعصية لولا استدراك الامر من قبل المجلس وإلغاء الاجراء فوراً!

وبين الحين والآخر يجري الحديث عن “الزواج المدني” الذي يشكل نقطة تباعد بين وجهات النظر… والامثلة كثيرة ومتعددة. الاّ أن المراقبين توقفوا نهاية الاسبوع الفائت عند كلام للبطريرك الماروني بشارة الراعي وعلى هامش زيارة لروما يتحدث فيه عن إيجابيات تحويل لبنان الى دولة مدنية وعن إلغاء المادة 95 من الدستور (التي تتحدث عن المناصفة بين المسيحيين والمسلمين) حيث قال:”ان هذا يعني أن لبنان بأساسه هو دولة مدنية. والانتماء إليه هو بالمواطنة وليس بالطائفة والدين، ولكن للاسف هذا المفهوم بدأ يزحل حتى أصبح لبنان بلد الطوائف، واصبح الانتماء الى لبنان من خلال الطائفة والمذهب…واليوم وللاسف اصبح من خلال الحزب ورئيسه”.

وتابع:  “على الحراك المدني الذي يطالب بالدولة المدنية، أن يطالب باستعادة هذه الدولة واستكمالها باللامركزية الادارية الموسعة ومجلس الشيوخ، وعندها فلتلغ المادة 95 من الدستور، والتي لا احد متعلق بها”!

فمثل هذا الكلام في وقت سابق سيفجر ازمات تهز الكيان اللبناني، كما حال إقتراب أي مسؤول من الامتيازات العائدة لهذه الطائفة او تلك. فهل البطريرك الراعي على تنسيق مع المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان وباقي رؤساء الطوائف والمذاهب ام أن طرحه جاء كصرخة وجع لما يجري؟.


مواضيع ذات صلة:

  1. هل يستطيع الحريري العودة الى السراي بعد مئة يوم؟… مرسال الترس

  2. آثار المحطات الساخنة للرغبات الاميركية في لبنان؟… مرسال الترس

  3. التأرجح بين التفاؤل والتشاؤم يدفع البعض للانتحار!… مرسال الترس


 

Post Author: SafirAlChamal