الى الرئيس سعد الحريري: يا ليتك كنت حذرا من “رفاق السوء”!.. غسان ريفي

لم يكن أبناء طرابلس والشمال بحاجة الى نصيحة الرئيس سعد الحريري بأن “إحذروا رفاق السوء”.. فهؤلاء ليسوا قاصرين، ويملكون من الوعي والحكمة والأفق الواسع ما يحول دون إستخدامهم في أي مخطط مشبوه، لكن الوجع والألم والشعور بالظلم والغبن والحرمان كل ذلك كفيل باخراجهم عن طورهم والتعبير عن غضب قد لا يكون مستحبا، لكنه حتما بات أضعف الايمان لايصال الصوت.

لم يقصد أبناء طرابلس والشمال بيروت للتنزه أو للاطلاع على معالم العاصمة ومحلاتها التجارية التي يخشى هؤلاء النظر الى ما تعرضه من بضائع غير مطابقة لمواصفات مدخول السواد الأعظم من اللبنانيين، وهم ليسوا هواة شغب وعنف ومشاكل ومواجهات مع القوى الأمنية، ولا أحد منهم كان يتمنى أن يستحم بالمياه الباردة ويختنق بالقنابل الدخانية ويصاب بالرصاص المطاطي فيفقد عينا أو خصية أو سمعا، وإنما هو الضغط المعيشي والمالي الذي إنفجر غضبا لفّ كل المناطق اللبنانية بدون إستثناء، وأنتج التوترات في وسط بيروت الذي كان شاهدا على مواجهات الفقراء فيما بينهم، فقير يسعى الى لقمة عيش، وفقير يعمل للحفاظ على لقمة عيش.

كان حريّ بالرئيس سعد الحريري أن يعتذر من أبناء طرابلس والشمال، لا أن يخاطبهم كقاصرين يتحكم بهم “رفاق السوء”، خصوصا أن هؤلاء الذين طوّقوا مسيرته بكل الدعم، إنتظروا منه آداء سياسيا وإنمائيا وخدماتيا يُنصفهم ويُنصف مناطقهم، لا أن يدفعهم أكثر فأكثر الى البطالة والفقر وإنعدام الأمل بالمستقبل.

من المفترض أن يدرك الحريري أن التوترات التي ترخي بثقلها على البلاد والعباد هي حصاد ما زرعه على مدار سنوات حكمه من تفاهمات وتحالفات وتسويات وسياسات وتوليفات  ومشاريع أدت الى ضرب كل مقومات البلد وصولا الى إنهياره الاقتصادي والمالي وربما الأمني في حال إستمرت التوترات في الشارع على ما هي عليه.

كما أنها حصاد تنازلات سياسية وإستخفاف بصلاحيات كان أبناء طرابلس والشمال ومعهم كثير من اللبنانيين مستعدون لبذل أغلى ما يملكون لحمايتها في وجه كل من سعى وما زال يسعى الى وضع اليد على الرئاسات والوزارات والصلاحيات، والى ممارسة حرب إلغاء ممنهجة تعتمد على سياسة القضم، لتأمين مصالحه ومكاسبه على حساب اللبنانيين ولقمة عيشهم التي يفتشون عنها اليوم في الشوارع.

أمام هذا الواقع، لم يعد مستغربا أن يستوطن اللبنانيون الشارع على مدار ثلاثة أشهر ونيّف، وأن يقطع أبناء طرابلس والشمال مسافة أكثر من 80 كيلومترا ليقولوا كلمة حق في وجه سلطان جائر وهذا أسمى أنواع الجهاد، ولا يدخل في منظومة الاستدراج من قبل “رفاق السوء” الذين تحدث عنهم الرئيس سعد الحريري الذي كان الأجدى به هو أن يَحذَرَ “رفاق السوء” الذين أوصلوه وأوصلوا البلاد في عهده وعهد التسوية وما قبلها الى الدرك الأسفل من الافلاس!..

 

 

 

 

 

Post Author: SafirAlChamal