البداوي تواجه الحرمان.. ومحاولات زجها في صراع مع الجيش!… أحمد الحسن

لا شك في ان العقاب الذي يُنفذ بحق طرابلس نتيجة مواقفها ضد السلطة السياسية الحالية، لم يقتصر على “عروس الثورة” التي تألقت في ساحة النور وأطلقت الشعارات اللاذعة، بل هو تمدد الى البداوي ومناطق الجوار التي كان لها حضور في الساحة.

هذا العقاب تجسد في اكثر من مشهد، ابتداء من بنزين الدولة الذي حُرّم على مصفاة طرابلس، والمازوت العالق داخلها ما دفع عدد من المحطات الى رفع خراطيمها، وصولا الى الكهرباء وغيرها من الامور الحياتية التي باتت مفقودة في الشمال بعكس مناطق اخرى، الامر الذي يؤجج غضب الاهالي الذين يشعرون أن لقمة عيشهم مهددة ما يدفعهم للنزول بأعداد كبيرة الى الطرقات لقطعها، تعبيرا عن وجعهم المحق بكل ما للكلمة من معنى.

قد تتفلت الامور أحيانا من بين ايدي اهالي البداوي والمحتجين لتنفجر مواجهات مع الجيش، وتتحول الشوارع الى ساحات معارك تسقط فيها الاصابات من الطرفين، تماما كما حصل ليل اول من امس حين سقط حوالي 53 اصابة بينهم 23 عسكريا اضافة الى التوقيفات الامر الذي يرفضه الكثير من ابناء البداوي الذين يؤكدون ثقتهم بالجيش اللبناني.

لكن ليس في كل مرة تسلم الجرة، حيث ذكّر مشهد أمس الأول بما حصل في البداوي مع إنطلاقة الثورة عندما تعرض المحتجون فيها لاطلاق نار حي أوقع عددا من الجرحى في صفوفهم، وكاد أن يتحول المشهد الى كارثة دموية لولا تدخل العناية الالهية ووعي أبناء المدينة الذين سارعوا الى تجاوز هذا القطوع، وعبروا عن حسن نواياهم برفع عناصر الجيش على الأكتاف، ليدحضوا بذلك اي كلام يمكن أن يطالهم ويشكك بانتمائهم للجيش اللبناني ما ازعج الكثيرين ممن كانوا يحاولون العبث بأمن البلاد انطلاقا من البداوي.

أمام هذا الواقع المأزوم، يبدو ان من يريد معاقبة هذه المناطق على مواقفها السياسية الحادة يسعى بكل جهد الى ادخالها في حمام دم ومواجهات لا يحمد عقباها بين المحتجين والجيش اللبناني ويريد اطفاء الثورة المحقة التي انطلقت في 17 تشرين الاول من الشمال، لكن يبقى الرهان على وعي وادراك اهالي البداوي وطرابلس لما يحاك لهم.