هل تتحضر عكار لـ″ثورة″ ضد الـ″ثورة″؟… نجلة حمود

83 يوما على إنطلاق ″الانتفاضة″، ″الحراك″، ″الثورة″، ومحافظة عكار تعيش في عزلة تامة جراء القطع الممنهج للطرق العامة والفرعية. 

83 يوما ومعاناة العكاريين تتفاقم بسبب الفوضى التي تؤدي الى عرقلة عمل المؤسسات الرسمية والخاصة واعاقة المواطنين ومنع الطلاب من الوصول الى مدارسهم وجامعاتهم.

وكانت التحركات قد أسفرت عن إقتحام ″الثوار″ سراي حلبا وطرد المحافظ، وإقتحام فروع احدى المصارف ما أدى الى اشتباك مع القوى الأمنية وتكسير المصرف، وبالتالي اعلان جمعية المصارف اغلاق المصارف في عكار حتى إشعار آخر، أمام ذلك الواقع ارتفعت الأصوات للمطالبة باعادة تصحيح مسار التحركات بما لا يضر بمصالح العكاريين.

عند بلوغ جسر المحمرة، الذي يربط محافظة عكار بمحافظة الشمال، تنكشف صورة واقع أكبر المحافظات اللبنانية التي تئن من الفقر والاهمال. واقع طرقها المزري، واقع الأهالي الذين يشيرون يمينا ويسارا الى خيم النازحين السوريين المنتشرة في المنطقة. “يبلغ عدد النازحيين السوريين ثلاثة أضعاف أهالي المحمرة، يحصلون من المنظمات الدولية على مساعدات مالية وعينية من مواد غذائية وتدفئة، بينما نئن نحن من الفقر والجوع”، يقول أحد المتظاهرين وهو يضرم النار بالاطارات المطاطية، معلنا “أنه يتظاهر ضد السلطة وسياستها التي أوصلتنا الى الهلاك، وضد النازحين السوريين”.

في المقابل يشدد المعترضون خلال لقاءاتهم المتتالية منذ أيام، على “أنهم مع الثورة ومن الداعمين لها ولكن لا نقبل بقطع الطرق، ولا باقتحام فروع المصارف الفرعية، الأمر الذي أدى الى إعطاء ذريعة للمصارف لاغلاق أبوابها أمام العكاريين، وتكبيدهم عناء التوجه الى طرابلس للتمكن من سحب ما تيسر لهم من رواتبهم التي تآكلت أو أموالهم المحتجزة، ولا بالاشتباك مع القوى الأمنية والاعتداء على ضباطها. لافتين الى “أن ما يجري غريب عن ثقافة أبناء عكار، وجولات الفوضى تلحق المزيد من الخسائر بأفقر المحافظات اللبنانية”. 

ويتساءل المعترضون، الى متى الصمت حيال ظاهرة قطع الطرقات وإقفال المؤسسات التربوية والاقتصادية وتعطيل حياة الناس، بينما كل مناطق لبنان استأنفت حياتها الطبيعية تقريبا، وبقيت الساحات مكانا للتجمع؟ فلما لا يتم الاكتفاء بساحتي الاعتصام في حلبا والعبدة؟، وعلى من تقطع الطرق في عكار؟ وهل خطوة إغلاق المؤسسات الرسمية تجدي نفعا؟ أم أنها تؤدي الى المزيد من الهدر والفساد، حيث يتقاضى الموظفون رواتبهم من دون انجاز الأعمال؟

يبدو واضحا أن عكار تتجه نحو المزيد من الانقسام في الرأي بين من يؤيد الانتفاضة بكل أشكالها، وبين من يؤيدها وسط سلسلة تحفظات حول الآداء والطريقة، كما يبدو جليا صعوبة التلاقي بين الطرفين، لاعتبارات تبدأ باتهام “الثوار”، لشريحة كبيرة من فاعليات عكار بالفساد، وسط مطالبة الاتحادات والبلديات بالكشف عن حساباتهم المالية، ولا تنتهي عند اتهامهم بالتزلم لدى السلطة ومحاولة تشويه التحركات السلمية وتقليب الرأي العام ضدهم. وهو ما عكسته بوضوح البيانات والبيانات المضادة.

ففي وقت طالبت فيه فاعليات عكار الدينية، ورؤساء الاتحادات والبلديات والمخاتير، خلال لقاء في دائرة الأوقاف الاسلامية، كل “القوى والأحزاب والقيادات الممثلة بالحراك إلى عدم الإضرار بمصالح الناس والمؤسسات العامة والخاصة، لأن ذلك يؤدي الى الحاق الضرر بمصالح بالناس، مشددين على أحقية المطالب التي انطلق منها الحراك، لجهة وقف كل أسباب الفساد والهدر والصفقات المشبوهة والمحاصصة والطائفية التي أضرت بالوطن والمواطن وجعلتنا على أبواب الإنهيار، كما شددوا على أهمية الحفاظ على سلمية الحراك وعدم إفساح المجال للمغرضين من تعكير الساحات وتشويهها وضرورة الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، مع التأكيد على احترام وتقدير دور الجيش والقوى الأمنية وعدم التعرض لهم بأي إساءة تنال من كرامة المؤسسة العسكرية والأمنية وهيبتها”.

الا أن بيان الفاعليات، استدعى ردا من خيمة اعتصام حلبا- الجومة- العبدة- رحبة ـ السهل-البيرة، فأكدوا “أن مطالب الثورة هي مطالب حقٍ في وجه سلطة المصارف والفساد الطائفية والهدر والصفقات المشبوهة والمحاصصة الجائرة التي ظلمت فقراء الوطن وظلمت حقوقهم باسم الاديان والطوائف، وأننا لن نتراجع حتى تحقيق مطالبنا”. لافتين الى “أن ثورتنا ثورةٌ سلميةٌ لتحصيل حقوق الناس وليس الاضرار بمصالحهم، إلا أننا لن نتوانى عن الدفاع عن انفسنا إذا تعرضنا لاعتداء ظالم”.

وشددوا على “أن الثورة لم تتعرض في أي مناسبةٍ للجيش ولم يتعرضوا لهيبة القوى الأمنية إذ لسنا نحن من ينتقص من هيبتها، وكان الأحرى بالمجتمعين أن يدعوا القوى الأمنية للحفاظ على هيبتها عبر القيام بدورها بتطبيق أحكام الدستور والقوانين اللبنانية ووقوفها في وجه الفاسدين وتحصيل حقوق اللبنانيين من المصارف التي تغتصب أموالهم بسياساتها التشبيحية المافيوية، وأن لا يسمح أحدٌ بتحويل القوى الأمنية إلى ميليشيا تدافع عن اصحاب المصارف بوجه الشعب اللبناني”.

وتساءلوا هل نحن من نضرّ بمصالح الناس أم المصارف التي تحتجز أموالهم والسياسيون المتاجرون بالوطن والشعب؟ وهل كانت عكار جنة الله على الأرض فأتت الثورة وخربتها؟

في هذا السياق، يشدد مسؤول الحزب الشيوعي في عكار عصام يعقوب على “أهمية الاستمرار بالتحركات المطلبية المحقة ضد السلطة الفاسدة، وحكم المصرف، ولكن في المقابل نحن مدركون أن هناك بعض التجاوزات التي تحصل عن غير قصد، لذلك نتباحث مع الأصدقاء في  ضرورة ضبط الوضع لمنع الانزلاق الى الفوضى، مشددا على عدم تجاوز الخطوط الحمر.

ويضيف: نحن سمعنا الكثير من الاعتراضات المحقة وتحديدا لجهة قطع الطرق واغلاق المدارس، لذلك سنسعى لاصدار بيان مشترك مع أصدقائنا في باقي الساحات، لانهاء ظاهرة قطع الطرق نهائيا الا في حالات إستثنائية جدا ولأوقات محددة بهدف تسجيل موقف، لافتا الى أن ظاهرة قطع الطرق أخذت منحا تصاعديا عقب توقيف الناشط برو من قبل الأجهزة الأمنية بعد حادثة الاعتداء على بنك لبنان والمهجر، ونحن نشدد على ضرورة اطلاق سراحه في أسرع وقت.

akka4 akkar2

Post Author: SafirAlChamal