إنتفاضة 1958 وحراك 2019.. المعضلة تتجدد بعد 60 عام!… بقلم: عبدالله خالد

بعد اندلاع انتفاضة 1958 لتضافر عاملين: رغبة الرئيس كميل شمعون تجديد ولايته وإغتيال الصحافي نسيب المتني الذي ساهم بتأجيج الاحتجاجات، ومع تمدد الإنتفاضة إلى أغلب المناطق اللبنانية توجه وفد عرف بإسم القوة الثالثة إلى الرئيس شمعون محذرا من مغبة استمرارها وتحولها الى إنتفاضة مذهبية بين المسلمين والمسيحيين، حيث أجاب ضاحكا “لا تخافوا مما يحدث في لبنان، الخوف يصبح جديا إذا كان العراق ساحة مثل تلك المعركة”.

وبالفعل ما إن اندلعت ثورة العراق بعد قيام الجمهورية العربية المتحدة التي ضمت مصر وسوريا وبدأ التفكير بإمكانية انضمام العراق إليها. حتى شعر الغرب بالخطر ونزل “المارينز” الأمريكي في بيروت والجيش البريطاني في الأردن لحماية المصالح الغربية والأنظمة العربية المرتبطة بالغرب وانتهت الإنتفاضة بتسوية لا غالب ولا مغلوب أوصلت قائد الجيش فؤاد شهاب إلى رئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولاية شمعون.

في عام 2019 ورغم مرور 60 عاما ورغم تطورات كثيرة حدثت توجت بتنامي محور المقاومة في المنطقة وبروز الدور الإيراني الذي أصبح يهدد مصالح الغرب بقي التشابه في جوهر الأحداث الذي حرك الإدارة الأميركية ومعها الغرب. وكانت الإدارة الأميركية بقيادة ترامب قد قررت تصفية قضية فلسطين عبر ما سمي “صفقة القرن” وكانت تجربة الربيع العربي المشؤوم قد تشكلت تمهيدا لتغيير الأنظمة في المنطقة شكلا بعد أن استنفدت أدواتها في امكانية تقديم خدمات جدية لها.

وكان غزو العراق عام 2003 قد سبق أحداث الربيع العربي وجعل الجيش الأميركي على الحدود السورية وجاء باول إلى دمشق مقدما إملاءاته التي رفضها الرئيس بشار الأسد معلنا دعمه للمقاومة العراقية. وأدركت واشنطن أنه لابد من ترويض سوريا وجاء إغتيال الرئيس رفيق الحريري ليسهم في فرض القرار 1559 وما تلاه من خروج القوات السورية من لبنان.

وفي الوقت الذي خُيّل فيه للإدارة الأميركية أن سوريا قد ضعفت جاء نصر المقاومة على عدوان تموز بدعم واضح من سوريا ليثبت العكس وتلاه إضطرار الجيش الأميركي على الانسحاب من العراق ليثبت قوة العلاقة بين سوريا وإيران والمقاومة في لبنان والعراق وليوجد جبهة تمتد من طهران إلى القدس مرورا ببغداد ودمشق وبيروت ليصبح الهدف الأميركي الأبرز تقطيع اوصال سوريا الذي فشل بعد ضرب الإرهاب التكفيري فيها وليصبح تعزيز التناقض المذهبي في المنطقة السلاح الابرز للمشروع الأميركي- الصهيوني- الرجعي في مواجهة محور المقاومة.

كان من الطبيعي أن تبدأ الحرب الناعمة إسما والأكثر قسوة فعلا لتشمل كل قوى المقاومة التي يجمعها المحور وأن يتم التركيز على إيران والحشد الشعبي في العراق وأن تبدأ خطوات جادة لإحياء تنظيم داعش في سوريا من جديد والتركيز على حزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق وإسقاط النظام في إيران.

وأصبح الهدف بعد بدء الحراك في لبنان والعراق في وقت متزامن مع منع الحزب من العودة إلى الحكومة بعد إستقالة الرئيس سعد الحريري وإسقاط حكومة عبدالمهدي في العراق، خصوصا بعد فتح معبر القائم بين سوريا والعراق وفتح علاقات جدية مع الصين وإتهامه بتنفيذ المخطط الإيراني في المنطقة وجاءت استقالة عبدالمهدي لتحيي الامال بامكان تحقيق استقالة الرئيس ميشال عون ايضا ومعه حزب الله.

ومرة أخرى يتم الحديث عن التزامن في الأحداث في لبنان والعراق والحديث عن التناقض المذهبي الذي يشكل السلاح الأبرز لتسعير التناقض المذهبي في المنطقة.

Post Author: SafirAlChamal