المصارف ″تقطع يدها وتشحد عليها″.. والدولار من دون سقف

خاص ـ سفير الشمال

لا سقف للدولار الأميركي بحسب كثير من الخبراء الماليين والاقتصاديين، في ظل دولة تخلت عن أبسط مسؤولياتها تجاه شعبها، وسلطة سياسية تضع مصالحها الخاصة فوق مصالح الوطن، وتدير الأذن الطرشاء لأنين وأوجاع الناس الذين بدأوا يشعرون بوطأة إرتفاع سعر صرف الدولار في تفاصيل حياتهم اليومية، من تسديد الديون والسندات، الى عدم القدرة على تأمين إيجارات المنازل لأصحابها، الى العجز عن شراء أكثرية المواد الاستهلاكية التي إزداد سعرها نحو 40 بالمئة أو فُقدت بفعل عدم القدرة على إستيرادها.

يمكن القول إن حالة من الهستيريا تسيطر على الأسواق، فالصيارفة يحتكرون الدولار الذي وصل سعره الى 2350 ليرة والحبل على الجرار حيث يؤكد البعض أنه سيقفز الى 3000 ليرة مطلع الاسبوع في حال لم يكن في الأفق أية بوادر حل للتكليف والتأليف، والمصارف “تقطع يدها وتشحد عليها” فتقنن بدفع الأموال الى المودعين بالدولار واللبناني، والتجار فتحت شهيتهم على الاحتكار فأخفوا كثيرا من السلع بانتظار أن يرتفع سعرها، والحركة الاقتصادية متوقفة تماما حيث لا إستيراد ولا تصدير ولا تحويلات مالية، فيما المواطن يدفع ثمن إنتمائه الى هذا البلد الذي تخلت عنه سلطته السياسية تاركة إياه يواجه مصيره بمفرده.

هذا الواقع يطرح تساؤلات عدة أبرزها: ماذا تنفع الاجتماعات المالية التي يعقدها رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا إذا لم تجد حلا لأزمة الدولار؟، وأين حاكم مصرف لبنان من كل ما يجري وتطميناته بأن الليرة بخير؟، وأين لجان حماية المستهلك في المناطق كافة للمراقبة وتسطير محاضر الضبط بحق من يعمل على إستغلال حاجات الناس؟، وأين القرارات الرسمية التي من شأنها أن تحمي المواطنين من التلاعب بالدولار ما يؤدي الى إفقارهم بتلاشي قيمة عملتهم الوطنية؟..

اللافت أن السلطة التي ما تزال تعيش حالة إنكار تجاه ما يحصل في الشارع منذ 17 تشرين الأول الماضي، تستمر في سعيها الى تحقيق المكاسب السياسية، وتكتفي في ذر الرماد في عيون اللبنانيين بطرح القوانين الشكلية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، فيما المطلوب إجراءات سريعة وصارمة حيال حماية الأمن الاجتماعي الذي يتفلت تباعا ويُنتج إعتداءات وسرقات وعمليات إحتيال لن تكون في مصلحة أحد في حال تحولت الى خبز يومي.

أمام هذا الواقع، بدأت التحركات الشعبية تنشط إحتجاجا على أزمة إرتفاع الدولار والتي أنتجت أزمة محروقات أعادت الى الأذهان مشاهد الحرب عندما كان المواطنون يتقاتلون على غالون بنزين، حيث قامت مجموعات في طرابلس وبيروت بتسكير محلات الصيرفة، مؤكدة أنها سوف تستمر في حراكها الى أن تبدأ المعالجات الحقيقية لأزمة الدولار الذي يبدو أن الدولة ماضية في الضحك على شعبها في تثبيته ضمن المصارف على السعر الرسمي وحجبه عنهم، وترك الأمور على غاربها من دون سقف في السوق السوداء التي تنذر بمستقبل إقتصادي ومالي مظلم.

Post Author: SafirAlChamal