ماذا يريد الحريري ″ليس أنا بل أحد آخر″ أو ″أنا أو لا أحد″؟… غسان ريفي

يُحكى أن إعرابيا إرتكب خطأ في مدينة إستدعى محاكمته أمام القاضي، فتمت إدانته، وقام القاضي بتخييره بين ثلاث عقوبات الأولى دفع غرامة قدرها 200 درهم، والثانية تعرضه لمئة جلدة، والثالثة بأن يأكل مئة قرن حر..

فكر الاعرابي الذي كان حريصا على ماله، و خلص الى أن الخيار الأسهل، هو أكل مئة قرن حر، فوافق القاضي، وبدأ بالأكل، وعندما وصل الى القرن الأربعين لم يعد بامكانه التحمل، فطلب أن يجلد مئة جلدة وهكذا كان، وعندما وصل الجلاد الى الجلدة الخمسين كاد الرجل أن يموت ألما، فطلب التوقف، ليدفع في الأخير المئتي درهم.

مناسبة هذه القصة، هي ما يشهده لبنان على الصعيد السياسي من خيارات خاطئة، ومحاولات بعض التيارات للتذاكي بهدف تسجيل النقاط على بعضها البعض، والسباق على الوصول الى المناصب وتحقيق المكاسب، غير آبهة بصرخات الشعب الذي يستوطن الشارع منذ 43 يوما، مطالبا بأدنى مقومات العيش الكريم، وبالخبز والعدالة والحرية.

ما يزال رئيس الجمهورية يحاول الضغط على من يعنيهم الأمر بتأخير الاستشارات النيابية الملزمة مخالفا بذلك الدستور ومصادرا صلاحيات الرئيس المكلف الذي تناط به وحده عملية التأليف بعد التكليف، وبالتالي سيجد نفسه عاجلا أم آجلا مضطرا لتحديد موعد هذه الاستشارات نظرا للاستفزاز الذي بدأ يجتاح الشارع المنتفض المطالب بتشكيل حكومة توحي له بالثقة، وكل من يسعى للحفاظ على الدستور وحمايته من الخرق الذي يتمادى به الرئيس عون.

في حين لا يتوانى صهر العهد في إختبار كل الخيارات، بدءا من ربط خروجه من الحكومة بتنحي الرئيس سعد الحريري عن رئاستها، مرورا بتنصيب نفسه وصيا على الوزراء المسيحيين الذين طلب تسميتهم بكاملهم، وصولا الى ضرب كل الصلاحيات مجتمعة عندما طرح إسم محمد الصفدي الذي كان باسيل يسعى من خلاله الى ضرب عصفورين بحجر واحد لجهة التحكم برئاستي الجمهورية والحكومة في آن، وكل ما يقوم به باسيل يهدف الى أمر واحد وهو عودته وزيرا في الحكومة كشريك مضارب لرئيسها، لكن ربما غاب عن باله بأن كل الحراك الشعبي القائم من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب يرفض عودته الى الحكومة.

وليس بعيدا عن باسيل وعلى قاعدة ″يتمنع وهو راغب″ يتعاطى الرئيس سعد الحريري مع الملف الحكومي، حيث ينطبق عليه القول الشعبي: ″أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجب″ في حين يحتار المتابعون أي من الخيارين يريد ″ليس أنا بل أحد آخر″ أو ″أنا أو لا أحد″؟، خصوصا أنه بات يتفنن في حرق الأسماء البديلة التي تطرح، وفي تحريك الشارع، وفي دفع المقربين منه الى إعادة طرح إسمه..

كيف يمكن للرئيس الحريري أن يعلن عزوفه عن قبول التكليف، ثم تؤكد كتلة المستقبل النيابية التي يرأسها بأن خيارها الوحيد لرئاسة الحكومة هو الحريري؟، ولماذا لم تنزل الكتلة عند رغبته في البحث عن بديل آخر؟، في حين أعاد الرئيس السنيورة فتح الباب أمامه، من خلال تأكيده أن ″المعاندة هي التي دفعت الحريري الى الاعتذار، وأن الأمر اليوم بيد رئيس الجمهورية من جديد″.

كل ذلك يظهر بوضوح أن الحريري يريد رئاسة الحكومة كونها تضمن بقاءه في الحياة السياسية، وأن كل ما يقوم به هو ضمن المناورات والضغط والضغط المضاد من أجل الوصول الى الحد الأدنى من الشروط التي يتمسك بها لجهة حكومة التكنوقراط، في ظل إصرار رئيس الجمهورية والثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر على حكومة تكنوسياسية، فهل يصل الحريري في النهاية الى أن يشكل حكومة من هذا النوع في حال أغلقت كل الطرق أمامه؟.

يبدو واضحا أن كثيرا من أركان السلطة ما يزالون اليوم في مرحلة “أكل قرون الحر” التي بدأ بها الاعرابي، وهم في طريقهم الى الجلد، ومن ثم الى دفع المئتي درهم، والقبول بالأمر الواقع الذي لو ركنوا إليه منذ البداية لكانوا وفروا عليهم وعلى البلد كثيرا من الوجع والمعاناة..  


فيديوهات قد تعجبك:

  1. بالفيديو: اشكال بين الجيش وعدد من الطلاب في الميناء

  2. بالفيديو: إشكال بين المتظاهرين ومشايخ دائرة الاوقاف في عكار

  3. بالفيديو والصور: اضرار جسيمة جراء اعمال الشغب في طرابلس

  4. بالفيديو: لحظة وقوع حادث السير المروّع الذي أدى لسقوط ضحيتين


لمشاهدة فيديوهات اخرى اضغط هنا.


لمتابعة اهم واحدث الاخبار في لبنان والعالم اضغط هنا.


مواضيع ذات صلة:

  1. عمليات حرق الأسماء مستمرة.. الحريري يلعب ″صولد″؟… غسان ريفي

  2. الحراك الشعبي في دائرة الخطر.. والنفق الحكومي مظلم!… غسان ريفي

  3. شارع مقابل شارع.. الى أين يتجه لبنان؟… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal