كي لا تتحول بوسطة الثورة الى بوسطة عين الرمانة

خاص ـ سفير الشمال

لم تكن الثورة بحاجة الى ″بوسطة″ خصوصا أنها منذ شهر كامل وهي تنتقل في كل المناطق اللبنانية بقلوب أبنائها ووحدتهم ووطنيتهم وعيشهم الواحد، وهم الذين خرجوا للتعبير عن آلامهم وأوجاعهم ومآسيهم ومعاناتهم وليس من أجل فولكلور هنا أو كرنفال هناك، ورغم ذلك فإن السلطة ما تزال تدير الاذن الطرشاء للمتظاهرين في الشارع.

قبل أسبوعين إرتبط الشمال بالجنوب عبر سلسلة بشرية إنطلقت من عكار الى صور، كسرت كل الحواجز، ونجحت بشكل كامل ولم تلق إعتراضات في أي مكان، وهي أعطت الصورة الحضارية التي عادت وتعززت بمشاركة وفود من الجنوب وجبل لبنان والبقاع مع المحتجين في ساحة عبدالحميد كرامي في طرابلس، ومشاركة وفود طرابلسية وعكارية مع المحتجين في الشويفات لتقديم واجب العزاء بالشهيد علاء أبو فخر، وفي سائر المناطق تأكيدا على أن الوجع واحد والمطالب هي نفسها.

ما حصل في إطلاق بوسطة الثورة أدى عن قصد أو عن غير قصد، الى بلبلة كان الجميع في غنى عنها، خصوصا أن أحدا لا يقبل ولا يريد أن ينقسم الشارع الثائر حول أي نشاط أو إجتهاد في أي منطقة كانت بعد أن وحدته المطالب السياسية والمعيشية، وبعد أن تعمدت هذه الثورة بدماء ثلاثة شهداء وبعدد كبير من الجرحى والموقوفين.

لذلك، لم يكن من المنطق والعقل أن يواجَهَ رفض شريحة من المواطنين لهذه البوسطة إنطلاقا من شبهات لحقت بها ووصلت إليهم لجهة تمويلها والقيمين عليها، بكل هذا الاصرار الذي كاد أن يهدد أمن صيدا ويرفع المتاريس فيها، ويدفع الجيش الى التدخل، وتعريض البوسطة ومن فيها للخطر في حال أكملت طريقها باتجاه النبطية وصور..

ما حصل في صيدا، أكد أن الثورة بمضمونها وشعاراتها ما تزال هشة وهي تحتاج الى مزيد من الوعي والادراك، خصوصا أن الثورة لن تُخمد ولن يساء إليها في حال لم تكمل البوسطة طريقها الى الجنوب، وكذلك فإن البوسطة ليست للعدو الاسرائيلي ولا تحمل علمه حتى تواجه بكل هذا الرفض والعنف والانقسام، ما يعني أن فريقين من الثوار ساهما في الاساءة الى صورة الحراك الشعبي الذي إتسم بالحضارة على مدار شهر كامل، وكادت الأمور أن تخرج عن السيطرة لولا تدخل العقلاء والجيش اللبناني.

ليس في بوسطة تنطلق من عكار الى الجنوب تحيا الثورة، وليس بقطع الطرقات، وليس ببناء جدار في نفق نهر الكلب، وإنما هذه الثورة تحيا بالثبات على المواقف وبالوحدة التي تجلت بأبهى صورها وبالخروج من كل الشعارات السياسية والحزبية والطائفية والمذهبية الى رحاب الوطن الواسع، تحت راية العلم اللبناني، لكي تبقى الثورة تسير بشفافية تحميها، ولكي يبقى الوطن لأهله، ولكي لا تتحول بوسطة الثورة الى بوسطة عين الرمانة..

 

Post Author: SafirAlChamal