هكذا انتزعت ساحة الثورة شرعية اسلامية ومسيحية وبلدية؟… عمر ابراهيم

بعد الشرعية الشعبية والوطنية التي مُنحت الى ساحة النور او كما بات يطلق عليها ساحة ″الثورة″ على مدار 26 يوما من الحراك المستمر ضد السلطة السياسية، ها هي الساحة تحصد شرعية جديدة من خلال احتضانها رجال دين مسيحيين ومسلميين ورئيس واعضاء مجلس بلدية طرابلس تحت شعار الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف.

صحيح ان المناسبة دينية وحضور رجال الدين قد يقول البعض انه من باب المجاملة، لكن اختيار الساحة التي تشهد حراكا ثوريا له دلالاته التي لا يمكن التغافل عنها، خصوصا انه كان بالامكان اختيار ساحة اخرى لاحياء هذه المناسبة ومنع حصول احراجات للبعض ان حصل ذلك.

لكن على ما يبدو من كلمات المشاركين من رجال دين مسلمين ومسيحيين ومن قبل رئيس البلدية الدكتور رياض يمق، ان اختيار الساحة هو بحد ذاته رسالة سياسية وموقف صريح من هؤلاء باحتضان هذا الحراك والوقوف معه، وربما اكثر من ذلك تبني معظم مطالبه لا سيما ان تنوع الجمهور المشارك في احياء الذكرى والشعارات الوطنية التي رفعت والهتافات قد تكون اعطت من يزورها لاول مرة من رجال الدين والفاعليات انطباعا مغايرا وشجعته على الاشادة بمن فيها وبهذه الصورة الجميلة التي ظهرت فيها المدينة كحاضنة لكل الطوائف والمذاهب على مساحة الاراضي اللبنانية.

ربما سبقت ساحة “الثورة” في طرابلس بقية الساحات في تكريس صيغة العيش المشترك وطي صفحة الماضي الاليم الذي صور هذه المدينة على انها حاضنة للارهاب والتطرف وان ابوابها مسدودة في وجه الاخرين، قبل ان تنجح في تبديد هذا المشهد على الارض وعكسته وسائل الاعلام التي استفاضت في نقل صورة ايجابية عن المدينة، ولمس ذلك رجال الدين الذين شاركوا في احياء المناسبة وجلسوا في الساحة واستمعوا الى الشعارات التي ترفعها، والاهم من ذلك انها قد تكون سابقة أن تحتفي المدينة بذكرى المولد النبوي بحضور هذا الكم من اللبنانيين من مختلف الطوائف والمذاهب وفي ساحة النور.

المدينة التي جاهدت سابقا في نقل هذه الصورة عنها وشاركت ابناء الطوائف المسيحية على وجه الخصوص باحتفاليات عيد الميلاد من خلال ارتفاع العديد من الشجر في شوارعها وساحاتها، تؤكد اليوم انها مدينة منفتحة وان الاحتفال بذكرى المولد في ساحة “الثورة” هو لاشراك بقية ابناء الطوائف احتفالات اقرانهم المسلمين في هذه المناسبة.