اللبنانيون في خطر.. شارعُ في مواجهة آخر… عبد الكافي الصمد

حصل ما كان كثيرون يخشونه عندما انطلقت شرارة الحراك الشعبي في كلّ المناطق اللبنانية إحتجاجاً على سياسة الحكومة بفرضها الضرائب والرسوم على المواطنين، من أجل سدّ العجز في خزينة الدولة، من غير أن تكلف نفسها الإلتفات إلى سدّ فجوات العجز الحقيقية الكائنة في عدة نواحٍ، أبرزها عدم تطبيق القوانين والفساد والهدر والمحسوبيات والمحاصصة وغياب الشفافية.

يوم أمس كان تعبيراً حقيقياً عن هذه المخاوف، بعدما انقسم الشّارع اللبناني على نفسه إلى شارعين، وقف أحدهما في وجه الآخر، ليس بسبب الخلاف على “أجندة” الحراك الشعبي ولا أولوياته، إنما على خلفية الإصطفاف الطائفي نتيجة التحريض السّياسي والطائفي والمذهبي الذي بلغ ذروته في الأيام الأخيرة.

منذ بداية الحراك الشعبي في 17 تشرين الأول الفائت، أو ما بات البعض يطلق عليه وصف “ثورة تشرين”، تخوّف كثيرون من أن ينحرف الحراك عن مساره، وأن تضيع “الإنجازات” التي تحققت، وهي كثيرة، نتيجة أخطاء إرتكبها القائمون على الحراك، سواء عن حسن نيّة أو عن سوء نيّة.

نصائح كثيرة وُجّهت إلى المحتجّين في الأيام الأولى من حراكهم حذّرتهم من أن يُضيّعوا البوصلة، أو أن يحرفوا الحراك عن أهدافه، أو أن يرفعوا شعارات شعبية تدغدغ مشاعر البعض، لكن في النهاية فإن من المستحيل تحقيقها نتيجة عدم واقعيتها.

عندما اندلعت شرارة الإحتجاج قبل 18 يوماً أطلق البعض عليها “ثورة الواتس أب” بعدما رفض المواطنون الضريبة التي اقترح وزير الإتصالات محمد شقير فرضها شهرياً على كل من يستخدم “الواتس أب” وهي بقيمة ستة دولارات شهرياً، غير أن أحداً بالكاد يتذكر اليوم أن ضريبة “الواتس أب” هي السبب الفعلي، الظاهر، وراء الحراك الشعبي المستمر حتى اليوم.

فقد تدحرجت مطالب المحتجين وكبرت مثل كرة الثلج من رفض فرض الضرائب والرسوم، إلى محاسبة الفاسدين، واسترجاع الأموال المنهوبة وتحقيق العدالة الإجتماعية للمواطنين الذين يعانون على كل الصعد، وصولاً إلى استقالة الحكومة وإسقاط الطبقة السياسية كلها، فضلاً عن إجراء إنتخابات نيابية مبكرة.

كان تكبير حجر المطالب وخطابات التحريض السّياسي والطائفي والمذهبي أسباب كافية كي ينقسم اللبنانيون على أنفسهم، وأن تصبح كل المطالب الأساسية التي ينادون بها، إجتماعية كانت أم إقتصادية أم تربوية أم صحية أم غيرها، في المرتبة الثانية، بعدما استشعرت كل طائفة أو فئة أنها مستهدفة في وجودها ومصيرها، لمجرد أن زعيم هذه الطائفة أو تلك مستهدف، أو أن أحداً إنتقده أو شتمه، ما أعاد الأمور إلى نقطة الصفر، وعاد البعض إلى قواعدهم الطائفية والمذهبية، مغادرين قواعدهم الوطنية، ما جعل الحراك الشعبي يفقد زخماً مهمّاً لكنه إستعاده يوم أمس على خلفية مسيرة بعبدا.

ما حصل كان شاهداً حقيقياً وترجمة لكل هذه المخاوف، بعدما وقف شارعان أحدهما في وجه الآخر، ما أعاد إلى الذاكرة إنقسام اللبنانيين على أنفسهم عام 2005 إلى شارعين، أحدهما في مواجهة الآخر، 8 و14 آذار، وهو إنقسام دفع اللبنانيون ثمنه غالياً، وما يزالون؛ وبالرغم من هذا فإن الإنقسام ما يزال مستمراً وهو يتخذ اليوم أشكالاً مختلفة، إنما من غير أن يتعلم أحد، على ما يبدو، من الدروس المؤلمة للماضي القريب.


فيديو:

  1. بالفيديو: أطفال طرابلس يلهبون ساحة الثورة

  2. بالفيديو: حرق منزل ″قاتل″ العسكري دياب حلوم

  3. بالفيديو: نجمة ″مبسوطة″: أنا اليوم مبسوطة أكثر

  4. بالفيديو: زين العمر يقترب من مراسلة ″الجديد″ لتقبيلها.. شاهدوا ردة فعلها


لمشاهدة فيديوهات اخرى اضغط هنا.


لمتابعة اهم واحدث الاخبار في لبنان والعالم اضغط هنا.


مواضيع ذات صلة:

  1. ملاحظات على مسيرة الحراك الشّعبي.. قبل فوات الأوان… عبد الكافي الصمد

  2. ثورة ″الواتس أب″: التّياران الأزرق والبرتقالي أكبر الخاسرين… عبد الكافي الصمد

  3. دعم العملة الوطنية بين لبنان والخارج: مقارنة مؤلمة… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal