هل بدأ إستهداف طرابلس؟.. خاص ـ سفير الشمال

مدهشٌ جداً ما يمرّ به لبنان اليوم، لم تعرف ساحاته حشوداً مماثلة من كل الأطياف والمذاهب والأحزاب والمناطق يلتقون يوماً بعد يوم وساعات طوال الليل والنهار، يرفعون علماً واحداً هو علم لبنان، ورايةً واحدة هي رفض الفساد، وشعاراً واحداً هو تضامن الجميع من أجل غدٍ مشرق، وهتافاً موحَّداً وموحِّداً “نحن الشباب لنا الغدُ”، وصوتاً واحداً “إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر”.

وغريبٌ جداً أن يلاقي هذه الجماهير المحتشدة، سياسيون تناوبوا على السلطة في البلد، وكان معظمهم هو السبب الأساس في الوصول إلى ما وصل إليه الوطن من فساد وتعصب، وفتنة وشقاق، ويأس وفقر، وإحباط وتفكك.

لبنان مجتمع تعددي بإمتياز، فيه 18 طائفة، وضُعفُ ذلك من الأحزاب والتيارات والتنظيمات، لا يستطيع أن يجمعها إلا رجل دولة يمتاز بالإعتدال والوسطية، ويملك من الحنكة والحكمة. عدله أساس الملك، وحوله بطانة صالحة، ومستشارين أكفاء، ومساعدين أمناء، هدفهم واحد وقراءتهم موزونة، وغايتهم هي مصلحة الوطن وإستقراره وازدهاره. لا يهدف إلى تقوية حزب على آخر، أو طائفة على أخرى، أو مذهب على آخر.

في ظل هذا التباعد الخطير بين الجماهير الفقيرة والإنتفاضة الشعبية غير المسبوقة يرتفع صوت في القضاء يطلب الرئيس نجيب ميقاتي وبعض أفراد عائلته إلى المحكمة، في موضوع القروض السكنية، وقد أثبتت الوقائع والتحقيقات منذ عدة أشهر عدم صحة هذه الإفتراءات، وأنها لا تمت إلى الحقيقة بصلة، مما إستدعى المدعي العام المالي في حينه لحفظ الملف، ثم تحوّلَ لاحقاً لصالح مجموعة ميقاتي بتهمة من أثار ذلك بالإفتراء والتشهير.

كل ذلك لأن الرئيس نجيب ميقاتي لم يمشِ قدُماً في التسوية الرئاسية، لأنه كما يقول الرئيس أن الرئيس عون لا يستطيع أن يجمع بين اللبنانيين. وكان ميقاتي دائماً مدافعاً عن الدستور والطائف، ومقام رئاسة الحكومة، في ظل هجوم واضح وقوي على صلاحيات رئيس الحكومة، تارة في الخفاء، وتارة في العلن، وتارة في القول، وطوراً في الممارسة. فكان التوقيت الفاضح في ظل هذا الإنشقاق الغريب بين السلطة والجماهير الفقيرة في الساحات، هذه الجماهير التي تنسجم مع رؤية الرئيس ميقاتي التوحيدية للوطن وأبنائه، وعلى النأي بالوطن عن الخلافات الإقليمية، وهو قد أعرب عن إستعداده مسبقاً وحاضراً لرفع السرية المصرفية عن حساباته، علماً أن معظم أعماله الإستثمارية هي خارج لبنان منذ أن بدأ التعاطي في الشأن العام.

لا شك في أن إصرار فريق السلطة على مواصلة الهجوم على الرئيس ميقاتي يطرح تساؤلات كثيرة: هل أن السلطة جادة في شعارها الإصلاح والتغيير، والإتهامات لها بالفساد قد صمّت الآذان، وفاحت رائحتها وأصبحت على كل شفة ولسان من ألسنة المتظاهرين، وسمعها كل مواطن في الداخل والخارج؟ خصوصاً وأن الرئيس ميقاتي منذ أن دخل ميادين الحكم في لبنان وقبل ذلك أعطى طرابلس جلّ إهتمامه من مؤسسات تربوية، ومنشآت صناعية، ومساعدات إجتماعية وأعمال خيرية، وترميمٍ لآثارها، وإعمارٍ لساحاتها، وغير ذلك كثير، كما ساهم في إيجاد ما يزيد على عشرة آلاف فرصة عمل لأبنائها في مؤسسات العزم وغيرها من المؤسسات الشقيقة والصديقة في لبنان والخارج فهل الهدف هو الرئيس ميقاتي، أم طرابلس من خلال الرئيس ميقاتي، أم طرابلس لأنها معقل السنة في لبنان، أم طرابلس لأنها نموذج الثورة التي بدأت منذ أسبوع وعنوان إستمرارها بانضباط لا مثيل له، وبتعاون وتآلف ومحبة بين المتظاهرين والقوى الأمنية.

والسؤال الأهم هل فريق السلطة يرغب بنهضة البلد عن حق ويسعى لتضافر جهود العاملين المخلصين فيه؟. وإذا كان ذلك صدقاً، فلماذا رفض مشروع نور الفيحاء وعدم طرحه للمناقصة والمنافسة بين الراغبين في تقديم الكهرباء للمدينة 24/24 بدون أي كلفة إستثمارية على الدولة؟. وصاحب هذا المشروع هو الرئيس ميقاتي مع مجموعة من المخلصين للبلد.

ما يجري في لبنان كبير جداً وخطير جداً فالمسافة أصبحت شاسعة جداً بين الجماهير الفقيرة في الشارع وبين أهل السلطة. والجماهير تتصرف بوعيٍ وعقلانية وتزداد حشودها يوماً بعد يوم. والسلطة تتصرف بظلم وتعسف وتتخبط في ممارساتها. وهذا ما ينذر بعواقب وخيمة لا قدر الله ذلك.

اللهم احمِ طرابلس وإحمِ لبنان من كيد الفاسدين وتسلط الفاسقين وجور الظالمين!.

Post Author: SafirAlChamal