طرابلس و″ثورة″ تشرين: كي لا تضيع الفرصة… عبد الكافي الصمد

إذا كانت ″ثورة تشرين″ أو ″ثورة الواتس أب″ بلا قيادة سياسية موحدة أو معروفة لها هو أبرز عنصر قوة لها، والذي على أساسه إستطاعت استقطاب أكثر من مليون و200 ألف فرد لبناني إلى ساحات الإعتصام والإحتجاج في مختلف المناطق، فإن هذه النقطة بالذات تحولت إلى نقطة ضعف.

الدعوات إلى الإعتصام والتظاهر والإحتجاج كان مصدرها الرئيسي وسائل التواصل الإجتماعي، التي كانت حتى الأمس القريب موضع إنتقاد واستهزاء لأن ما تشهده صفحات ومنصّات وسائل التواصل هذه من تضخيم للأمور كان لا ينعكس على أرض الواقع، وأن المدمنين على هذه المنصّات يعيشون عالماً إفتراضياً لا أساس له على أرض الواقع.

لكن منذ يوم الخميس في 17 تشرين الأول الجاري، وبعد انفجار الثورة ونزول مئات آلاف اللبنانيين إلى الشّوارع، تبين العكس، وأظهرت السّاحات أن هناك قسماً هائلاً من اللبنانيين هم خارج الإصطفافات السياسية، بدليل أن أحداً منهم لم يرفع سوى العلم اللبناني، وأن أحداً من السياسيين وأهل السلطة لم يتقدمهم، لا بل كانوا بأغلبهم موضع نقد لاذع من المتظاهرين، وأن شعار “كلن يعني كلن” لم يبق أحداً منهم فوق الغربال.

وكشف الحشد الجماهيري غير المسبوق في تاريخ لبنان، أن ظروف التغيير متوافرة، لكن آليات وأدوات هذا التغيير ينقصه نضوج سياسي وإجتماعي لم يتوافر بعد لهذا الجمع الغفير من اللبنانيين، الذين طرح سؤال محوري حولهم: أين كانوا أيام الإنتخابات النيابية التي كانت أكبر فرصة للتغيير متوافرة أمامهم، وكيف يمكن تأطير هذا “الحراك الثوري” وإبقائه شعلة متّقدة حتى موعد الإنتخابات المقبلة، لقطف ما زرع في السّاحات والشّوارع؟

فقد إستطاع الثائرون، وهم بأغلبهم من الفئات المهمّشة، من فقراء وطلاب ومزراعين وعمال وعاطلين عن العمل وموظفين من فئات وسطى وما دون، إستقطاب شرائح واسعة من أغلب اللبنانيين كي يتضامنوا معهم في تحرّكهم، لكنهم إرتكبوا أخطاء قاتلة، كانت طبعا أخطاء غير مقصودة أو تنمّ عن عدم وعي ونضوج كافيين، من أبرزها أنه لم تكن لهم قيادة موحدة للتنسيق بهدف تحصيل مطالبهم لمنع إلتفاف السلطة عليهم أو إستغلال جهات سياسية ما لتحرّكهم، وأن يأتي ذلك على حسابهم، إذ بدت كل منطقة أو كل تجمّع يغني على ليلاه، بلا أي أفق، وبلا أي أجوبة على أسئلة كثيرة كانت تتمحور حول ما الذي نستطيع فعلاً إنجازه، وكيف نحافظ عليه، وماذا عن اليوم التالي.

ومن الأخطاء القاتلة إقفال الطرقات وقطعها بين المناطق أو حتى داخل المناطق نفسها، بحيث تقطعت أوصالها، وتعذر على فئات كثيرة من اللبنانيين الوصول إلى ساحات الإعتصام الكبرى للمشاركة فيها، كما كان الحال في ساحة عبد الحميد كرامي (النور)، التي بسبب قطع طرقات تربط طرابلس بالأقضية الشمالية، تعذر وصول كثيرين إلى الساحة التي تحوّلت، كما المدينة، إلى “أيقونة” ثورية بامتياز.

يضاف إلى ذلك أن قطع الطرقات أربك فئات كثيرة من المواطنين لا يمكنهم تحمّل هذا الأمر، وهم عانوا الكثير بسبب ذلك، لعل أبرزهم المرضى، وفئات واسعة تعمل يوماً بيوم لتأكل هي وعائلاتها، وهؤلاء تعطلت أعمالهم وبدأ الجوع يدقّ أبوابهم، عدا عن أصحاب مصالح وتجار وموظفين وغيرهم لا يمكنهم التوقف عن العمل أسبوعاً، وبلا أفق مفتوح، ما جعل المحتجّين يخسرون فئات واسعة من المواطنين كانت مستعدة للوقوف إلى جانبهم.

كل ذلك بات يستدعي مراجعة من القائمين على الحراك في الشارع، من أجل عدم إجهاض فرصة قد لا تتكرر، والتحضير للأيام المقبلة وفق خطة واضحة وطويلة الأمد.


فيديو:

  1. بالفيديو: الاعتصامات تتصاعد في طرابلس.. إزالة لصور الحريري

  2. بالفيديو: موكب احد الوزراء يطلق النار على المتظاهرين وسط بيروت

  3. بالفيديو: اشتباك وتدافع بين المتظاهرين وقوى الامن في رياض الصلح

  4. بالفيديو: نجم ″الهيبة″ يتسبب بحادث سير في بلدة لبنانية.. كان مخموراً


لمشاهدة فيديوهات اخرى اضغط هنا.


لمتابعة اهم واحدث الاخبار في لبنان والعالم اضغط هنا.


مواضيع ذات صلة:

  1. ثورة ″الواتس أب″: التّياران الأزرق والبرتقالي أكبر الخاسرين… عبد الكافي الصمد

  2. دعم العملة الوطنية بين لبنان والخارج: مقارنة مؤلمة… عبد الكافي الصمد

  3. التفّاح اللبناني في يومه: فولكلور بلا خطّة… عبد الكافي الصمد

  4. أول غيث الإعتراض الشعبي على النّفايات: رميها وسط الطرقات… عبد الكافي الصمد


Post Author: SafirAlChamal