المندسّون يُفسدون سلمية التظاهرات.. والحريري وباسيل يستفزان الشارع… غسان ريفي

كما جرت العادة في كل إحتجاج شعبي على سياسات الحكومة، إحتل المندسون الشوارع، فأفسدوا التحركات وأخرجوها عن طابعها السلمي وأفقدوها أهدافها النبيلة، وحولوها الى توتر أمني عمل الجيش اللبناني والقوى الأمنية على مواجهته بشتى الطرق.

إنسحب الشعب اللبناني من الشارع، تاركا المندسين يعيثون فسادا فيه، من إشعال الاطارات المطاطية وتلويث الأجواء وتزكيم أنوف المواطنين بالدخان الأسود، الى قطع الطرقات عند كل شارع أو تقاطع، الى تكسير وتخريب الممتلكات العامة والخاصة، وصولا الى الاعتداء على القوى الأمنية التي لم تتوان عن إطلاق النار وإستخدام خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين الخارجين عن القانون والذين شوهوا عن قصد أو عن غير قصد هذا التحرك الذي كان كثير من اللبنانيين يعوّلون عليه في تبديل الحال الى أفضل، أو على الأقل الضغط على السلطة لتحسين آدائها.

يمكن القول إن المندسين أو ما يعرف بالطابور الخامس، ضربوا سلمية التحركات الشعبية، وحاولوا الايحاء بأن المتظاهرين هم مجموعة من الزعران لديها حقد طبقي مارسته باحراق السيارات والأبنية وبالاعتداء على المحلات التجارية وصولا الى إقتحامها وسرقة محتوياتها، ما يتطلب من أصحاب الحراك الأصليين العودة الى تسلم زمام المبادرة قبل أن تبدأ القوى الأمنية بالتعامل مع المتظاهرين من دون تفريق بين مواطن صالح وآخر مندس، طالما لم تبادر مجموعات الحراك الى التبرؤ مما يحصل من إنتهاكات تصل الى حدود الجرائم الموصوفة.

وبغض النظر عن هذه الانتهاكات، فإن ما شهده الشارع اللبناني على مدار 48 ساعة أربك السلطة التي بدأت تشعر أنها قد تدفع ثمن إهمالها وإرتجالها وفسادها، وأن الشعب الذي كانت تعتمد على إنقسامه الطائفي والمذهبي والسياسي تخلى عن كل ذلك وحمل العلم اللبناني ونزل الى الشارع ليطالب برحيل هذه السلطة التي لا تجد وسيلة لتعزيز وضع خزينتها سوى جيوب الفقراء من دون أن تعوضهم عن ذلك خدمات وتقديمات وراحة بال وعيش بكرامة.

اللافت أن اللبنانيين الغاضبين من السلطة، إستمعوا يوم أمس الى خطابين الأول لوزير الخارجية جبران باسيل الذي تقمص دور رئيس الجمهورية باعتماده منبر قصر بعبدا (قال أنه إستأذن الرئيس في ذلك) وحاول أن ينأى بنفسه عن كل ما يجري معتبرا أن ما يشهده الشارع غير موجه ضد تياره، مهددا ومتوعدا اللبنانيين بأنهم إذا لم يتوقفوا عن التظاهر والمطالبة باسقاط الحكومة، فإن المستقبل سيكون ضبابيا، وربما يؤدي ذلك الى إنهيار الأمن والاقتصاد والليرة ويحل الجوع على اللبنانيين، ولم ينس باسيل كعادته أن يتنصل من المسؤولية ويحملها الى الحكومة التي تحدث عنها وكأنه ليس جزءا منها، من دون أن يوفر رئيسها تصريحا وتلميحا.

أما الخطاب الثاني فكان لرئيس الحكومة سعد الحريري الذي تحدث بتماسك أكثر من باسيل، كونه يقف على أرض صلبة وفرها له رؤساء الحكومات السابقين الذين أكدوا دعمه ورفض إستفراده، لكنه في المقابل، حمّل اللبنانيين منّة سعيه الدؤوب مع دول العالم والمجتمع الدولي لحماية البلد متناسيا أن ذلك هو من أبسط واجباته كرئيس للسلطة التنفيذية عليه إيجاد الحلول لمشكلات وأزمات البلد، كما لم يتوان الحريري عن تحميل مسؤولية ما يجري الى الوزير جبران باسيل من دون يسميه مكتفيا بوصفه الشريك في التسوية، مانحا نفسه فرصة 72 ساعة لرأب الصدع مع شركاء هذه التسوية وإلا فسيكون له كلام آخر من المفترض أن يكون إستقالة.

في كل الأحوال، لم يقنع كلام باسيل ولا كلام الحريري الغاضبين المعتصمين والمحتجين في الشارع، بل أدى الى إستفزازهم فكان الرد بمزيد من التصعيد، خصوصا أن تهديد باسيل لم يعد ينطلي على أحد خصوصا أن أكثرية الشعب اللبناني تواجه الفقر والجوع في ظل الحكومة الحالية، كما أن الـ 72 ساعة التي منحها الحريري لنفسه لن يتمكن من خلالها تبديل ما عجز عنه طيلة سنوات، فالناس تريد دولار غير متوفر في المصارف، وتحتاج الى كهرباء، وتعاني من النفايات والتلوث، ومن غياب الدولة التي لا تتذكر شعبها إلا بفرض الرسوم والضرائب.

أمام هذا الواقع فإن التحركات من المفترض أن تستمر، إلا إذا كانت الـ 72 ساعة هي مهلة للجيش والقوى الأمنية لقمع المتظاهرين وإخراجهم من الشوارع، عندها يكون لبنان قد دخل في مرحلة النظام الأمني الفعلي.   


فيديو:

  1. بالفيديو: الاعتصامات تتصاعد في طرابلس.. إزالة لصور الحريري

  2. بالفيديو: موكب احد الوزراء يطلق النار على المتظاهرين وسط بيروت

  3. بالفيديو: اشتباك وتدافع بين المتظاهرين وقوى الامن في رياض الصلح

  4. بالفيديو: نجم ″الهيبة″ يتسبب بحادث سير في بلدة لبنانية.. كان مخموراً


لمشاهدة فيديوهات اخرى اضغط هنا.


لمتابعة اهم واحدث الاخبار في لبنان والعالم اضغط هنا.


مواضيع ذات صلة:

  1. الدولة تدرس إمكانية إلغائه.. من يُنقذ معرض رشيد كرامي الدولي؟… غسان ريفي

  2. إنتخابات المجلس الشرعي: المستقبل لم يلتزم بإتفاقه مع العزم.. ويسلب الصفدي مرشحه… غسان ريفي

  3. طرابلس تحتضن ميقاتي.. وترد على حملات إستهدافه سياسيا… غسان ريفي


Post Author: SafirAlChamal