الضنية: أزمة نفوذ ونفور… بقلم المحامي طلال نده

كأن الضنية الغارقة في وحول الحرمان كان ينقصها ما يقضّ مضاجع أبنائها، و يأرق تفكيرهم، خوفا على قوتهم، وقوت عيالهم ومستقبلهم..

فجأة، وبدون سابق إنذارٍ استفاق أهل القضاء من كبوة عميقة ليكتشفوا أنهم يعيشون على هامش اهتمامات أهل الحكم وفي ذيل أولويات السلطة..

وفي اتون الوضع المزري على أكثر من صعيد انمائي وخدماتي وتوظيفي، وجد أهل القضاء أنفسهم متروكين وحيدين في دولة يحكمها مبدأ المحاصصة والمحسوبية، فباتوا يتساءلون بصوت مرتفع غاضب عن حصصهم ونفوذهم…

القضاء الذي يئنّ من الحرمان المتوارث أبا عن جد، راح يبحث عن وسائل بديلة تبقيه حيا وتساعد أهله على البقاء والمواجهة، ولعل أبرز ما لجأ اليه أهل الجرد العالي هو نحت الجبال والصخور ليستصلحوا أرضهم من أجل زراعتها ويسعوا لتأمين مياه الري لمزروعاتهم بما تيسر من ماء يندر في فصل الصيف..

وفي سبيل ذلك ناضل أبناء الجرد في بقاعصفرين من أجل استحداث بركة مياه تروي مزروعاتهم لتعوض بعض ما خلفته الدولة من حرمان، وبعد سنوات من النضال والجهاد أثمرت الجهود مشروع بركة سمارة التي تحل أزمة زهاء 400 مزارع وتشكل مصدر دخل لما يناهز ال 3000 نسمة من أبناء الجرد ورواده.

هلّل الجميع لخطوة وزارة الزراعة التي قررت بدء الأعمال في حفر البركة ولكن حسابات البستان لم تطابق حسابات البيدر فسرعان ما تعالت الأصوات التي حملت كل أوجه الاعتراض فبدأت بيئية وتحولت عقارية فمناطقية ومن ثم طائفية. وأجمع كل المعترضين بكل توجهاتهم على ثابت وحيد هو حرمان أولاد الجرد من حقهم المقدس في المياه وكأن الحياة لا تليق بهم وكأن صمودهم في أرضهم بات خيانة عظمى.. وبسرعة فاقت سرعة البرق تحولت القضية إلى قضية رأي عام وبدأت تكبر كرة الثلج، وتكاتف أبناء الضنية بمشهد مهيب قل نظيره، حيث تناسوا كل خلافاتهم و مشاربهم السياسية والعائلية مصطفين للدفاع عن أرضهم وحقهم في الحياة وبرز الشباب الضناوي كشباب ناشط واعٍ يدافع بكل رقي و حضارة عن حق اعتبره مقدسا مستخدما أحدث الأساليب الراقية حيث اجتاج هاشتاغ: “القرنة_السوداء_ضناوية” موقع تويتر ليحتل الصدارة كخطوة إلى الأمام من اجل اسماع الصوت لكل من يعنيهم الأمر ولسان حال الشباب كما نواب القضاء وبلدية بقاعصفرين واضح لا لبس فيه مفاده أنه لا تنازل ولا حرمان من المياه وسبل المواجهة كثيرة تحت سقف القانون ومظلة الجيش اللبناني حامي السلم الاهلي وضمانة العيش المشترك ويوقن الجميع أنه ما مات حق وراءه مطالب وأهل المنطقة اصطفوا جنودا وراء بلدية بقاعصفرين ومخاتبرها من أجل الإسراع في حسم ملكية القرنة السوداء لمصلحة الضنية على أن يستأنف العمل في البركة لئلا يحرم المحرومين من المياه مجددا وليثبت ابن الجرد في أرضه عزيز النفس مصان الجوار يأكل مما تجنيه يداه دون الوقوف على ابواب المحسنين، فأهل الجرد وأبناء القضاء يأبون الا ان يحق الحق فهم غير معتدين ولا آثمين ويعتبرون أن المعركة تتجاوز كل الأبعاد التي يحاول البعض رسمها لتنحصر بمعركة تحاصر الفقير بلقمة عيشه، ويدعون الدولة لبسط نفوذها وتثبيت الحق الثابت قانونا لئلا تزداد رقعة نفور المواطن من وطنه.


فيديو:

  1. بالفيديو: اشتباكات واطلاق قذائف صاروخية والأهالي يناشدون الجيش

  2. بالفيديو: الحريري يبكي في جنازة جاك شيراك

  3. بالفيديو: في لبنان.. شاب يقود السيارة بقدميه ويرقص على سطحها

  4. بالفيديو: فضيحة غذائية في احد المطاعم اللبنانية


لمشاهدة فيديوهات اخرى اضغط هنا.


Post Author: SafirAlChamal