حصّة طرابلس من التعيينات لا شيء: من يوقف التهميش .. والهجرة… عبد الكافي الصمد

كانت الحصيلة صفراً. هكذا كانت خلاصة ما حصلت عليه طرابلس والضنية والمنية وعكار من التعيينات التي أقرتها الحكومة أمس، سواء بما يخصّ مؤسسة إيدال، رئيساً وأعضاءً، أو المجلس الأعلى للخصخصة، إذ لم تجد الحكومة واحداً من أبناء هذه المناطق ليتم تعيينه في أحد المراكز التي تم ملء شغورها.

بما يخصّ التعيينات في مؤسسة تشجيع الإستثمارات ″إيدال″، فقد عين مازن سويد رئيساً ومديراً عاماً، علاء حمية نائباً للرئيس، سيمون سعيد نائباً للرئيس، وليم شارو عضواً، محمد المهتار عضواً، ربيع معلولي عضواً وعلي حمدان مفوضا للحكومة داخل المؤسسة. كما جرى تعيين فرحات فرحات أميناً عاماً للمجلس الأعلى للخصخصة.

قبل ذلك بأيام، أقرت الحكومة تعيينات قضائية، كانت حصة مناطق الشمال المذكورة عضواً واحداً فقط، هي تعيين إبن بلدة حقل العزيمة ـ الضنية ونقيب المحامين السابق في طرابلس عبد الله الشامي عضواً في المجلس الدستوري، أما سوى ذلك فقد كانت النتيجة أيضاً صفراً.

هذا التهميش لدور طرابلس ومناطق شمالية أخرى، وحرمان الكفاءات من أبنائها من تعيينهم في مراكز مهمة في السلطة والإدارة، شأنهم في ذلك شأن أبناء بقية المناطق اللبنانية الأخرى، ليس وليد اليوم، إنما جاء نتيجة تحجيم دور طرابلس في السلطة الذي بدأ منذ أوائل التسعينات، والذي امتد ليشمل أيضاً حرمانها من المشاريع التنموية، ما أسهم في ازدياد رقعة الحرمان فيها واتساع دائرة الفقر على نحو غير مسبوق، لتصبح المدينة الأفقر بين نظيراتها من بين مدن البحر الأبيض المتوسط، وفق إحصاءات الأمم المتحدة.

حتى وقت قريب كانت الضنية تحظى بمديرين عامين من موظفي الفئة الأولى، هما مدير عام الطيران المدني حمدي شوق، ومدير عام وزارة الإتصالات وهيئة أوجيرو عبد المنعم يوسف، أما اليوم فقد اقتصر الأمر على مدير عام وزارة الثقافة الدكتور علي الصمد، في حين غيبت طرابلس والمنية وعكار كلياً عن مشهد التعيينات في الفئة الأولى، وكأنه لا يوجد في هذه المناطق كفاءات يستحقون تولي مناصب في هذه الفئة.

خلال السنوات التي سبقت الحرب الأهلية، أو حتى خلال سنوات الحرب وما تلاها حتى نهاية عقد التسعينات، كانت طرابلس حاضرة بقوة في مناصب الفئة الأولى، الإدارية والقضائية وما سوى ذلك، كما كان الطرابلسيون حاضرون بقوة أيضاً في وظائف الدرجات الأدنى، لكن هذا الحضور تقلّص وتقزّم إلى حدود التلاشي تقريباً، بشكل بات يندر معه وجود موظف طرابلسي ضمن موظفي الفئة الأولى، كما أن وظائف الفئات الادنى بات الحضور الطرابلسي فيها يكاد لا يذكر.

هذا التغييب لدور طرابلس ومناطق شمالية أخرى ليس لأنه لا يوجد فيها كفاءات، فهذه المناطق تزخر بكفاءات تكاد تنافس وتتقدم على كفاءات مثيلاتها في المناطق الأخرى، لكن طرابلس والمناطق الشمالية المذكورة تتم معاقبتها بحرمانها، وبالتالي فإن حصصها مهدورة، وما نجاح كفاءات طرابلسية وشمالية في بلاد الإغتراب، شرقاً وغرباً، إلا دليلاً على ذلك.

قبل أيام نُشرت معلومات أن 7 آلاف شاب من طرابلس قد تقدموا بطلبات للحصول على تأشيرات للسفر (فيزا) من سفارات أجنبية في بيروت. هل ليس بين هؤلاء من يملك كفاءة معينة لإبقائه في بلده من أجل الإستفادة من كفاءته، بدلاً من الإستمرار في مسلسل هجرة الأدمغة، واستنزاف طرابلس ومناطق شمالية أخرى من خيرة شبابها؟.


مواضيع ذات صلة:

  1. سقفٌ سياسيٌ عالٍ في الضنّية: القرنة السوداء لنا ودعوة الجيش لحسم الأمر… عبد الكافي الصمد

  2. نزاع بقاعصفرين ـ بشري: لما لا تحسم الجهات الرسمية الأمر؟… عبد الكافي الصمد

  3. دركي أهان أطفالاً مرضى ونساء مسنّات على خط طرابلس ـ بيروت!… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal