سقفٌ سياسيٌ عالٍ في الضنّية: القرنة السوداء لنا ودعوة الجيش لحسم الأمر… عبد الكافي الصمد

شهدت السّاعات القليلة الماضية تحوّلاً مفصلياً في قضية القرنة السوداء وبركة مياه سمارة، بعد توقف العمل بالبركة التي باشر المشروع الأخضر تنفيذها في المنطقة قبل أيام، إثر اعتراض بلدية وفاعليات بشري على إنشاء البركة بحجج مختلفة، وقولهم إن موقع البركة كما القرنة السوداء يقعان ضمن مشاع بشري العقاري، وهو أمر قوبل في الضنية بردود فعل رافضة على أعلى المستويات.

الرد على موقف بلدية بشري وفاعليات منطقة الجبّة لم يقتصر على بلدية بقاعصفرين، التي تقع القرنة والبركة في نطاقها العقاري، وبلديات وفاعليات الضنّية الذين تضامنوا معها، إنما امتد أخيراً ليشمل النواب، ما أكسب القضية غطاءً سياسياً بات القفز فوق حقائقه وتخطي المواقف حياله أمراً بالغ الصعوبة، وأدخل القضية في مرحلة جديدة لها أبعادها وتداعياتها وحساباتها الدقيقة والتي بات على الأطراف الأخرى، وتحديداً بشري والجهات الرسمية، أن يتعاطوا معها بطريقة واضحة وجدّية.

نائبا الضنية كان موقفهما من هذه القضية موحداً. فالنائب سامي فتفت كان قد أعلن في بيان له، قبل أيام، أن ″القرنة السوداء وامتدادها الجغرافي يعود تاريخياً للضنية”، مؤكداً على ″عدم التهاون في حقوق ومكتسبات المنطقة تحت أيّة اعتبارات، ومهما كانت عناوينها”، قبل أن يؤكد النائب جهاد الصمد أول من أمس، في لقاء موسع، أن ″حقنا مقدس مثل حق غيرنا، ونحن لن نسمح لأحد أبداً أن يفكر في أن يأخذ حبة تراب من أرض بشري إذا كانت لأهل بشري، أو حبة تراب من الضنية إذا كانت لأهل الضنية″، مشدّداً على أنه ″مثلما أهالي بشري يفتخرون بالأرز الموجود في نطاقهم، كذلك نحن نعتز ونفتخر من أيام جدودنا وحتى الآن بالقرنة السوداء بأنها موجودة في الضنية، وسوف تبقى في الضنية″.

ومن اجل حسم هذا الجدل حول القرنة السوداء ومشاعاتها، التي يقول اهالي بشري انها لهم وان هناك نزاعا مع اهالي الضنية عليها، بينما يقول اهالي الضنية انها لهم وحقهم فيها مثبت بالوثائق التاريخية والجغرافيا، دعا الصمد مديرية الشؤون الجغرافية في الجيش اللبناني إلى ″ترسيم الحدود بين قضاءي الضنية وبشري، وإنهاء الخلاف بينهما حول ملكية المشاعات، وتحديدا القرنة السوداء ومحيطها”، ومطالبا أهل بشري أن “يفوضوا الجيش اللبناني ومديرية الشؤون الجغرافية فيه بأن تضع الخرائط″.

موقف الصمد من تفويضه مديرية الشؤون الجغرافية في الجيش حلّ القضية، جاء على خلفية معلومات كشفها المهندس خضر لاغا، في لقاء أمس، من أن موقع بركة سمارة يبعد بشكل مباشر عن حدود بشري أكثر من كيلومترين ونصف، وأن تلاعباً حصل في بعض الخرائط العقارية أفضى لاقتطاع 13 مليون متر مربع من محيط القرنة السوداء التابع للضنية وإلحاقه ببشري، ما دفع الصمد للتأكيد أنه ″لن نقبل بخرائط تمّ تزويرها، أو محاولة البعض أن يربح أراضٍ على حساب آخرين. فنحن نثق بمؤسسة الجيش اللبناني فقط وبخرائطه″.

الوثائق والمستندات التي تؤكد أن ملكية القرنة السوداء وجوارها يعود للضنية، وأن بركة مياه  سمارة يتوافر فيها كل الشروط القانونية والبيئية، أوضحها رئيس بلدية بخعون السابق زياد جمال لجهة أن ″كل الوثائق التاريخية تشير إلى أن القرنة السوداء تقع في الضنية، وأن حدود متصرفية جبل لبنان لم تكن القرنة السوداء ضمنها، بل كانت تابعة للضنية في ولاية طرابلس أيام الوجود العثماني، وكذلك فإن الخرائط أيام الوجود الفرنسي تثبت ذلك”، بينما أكد رئيس بلدية بقاعصفرين على كنج أن ″المشروع الأخضر لم يباشر في تنفيذ مشروع البركة إلا بعدما حصلنا على موافقة وزارة البيئة وعلى دراسة الأثر البيئي لهذا المشروع، عكس كل يقولونه بأنه لا وجود دراسة للأثر البيئي للمشروع″.

وبهدف وضع القضية على طاولة كبار المسؤولين من اجل معالجتها، أجرى النائب الصمد إتصالاً بالنائب فتفت من أجل التنسيق مع نائب المنية عثمان علم الدين، بهدف تحديد موعد مع رئيس الحكومة سعد الحريري، لطرح موضوع النزاع الحاصل بين قضاءي  بشري والضنية، وذلك قبل انعقاد جلسة مجلس الوزارء المقررة يوم الثلاثاء المقبل.

وأمس، أعطى النائب فيصل كرامي الموضوع جرعة دعم سياسية إضافية، عندما أكد خلال استقباله وفوداً من بقاعصفرين والضنية، وبعد اتصالات أجراها مع النائب الصمد وقائد الجيش العماد جوزاف عون، على أنه ″لن نساوم ولن نتنازل عن حقنا في الحصول على المياه لري محاصيلنا الزراعية، وبالأخص في جرد النجاص، حيث تعتاش أكثر من 2000 عائلة، ولن نتنازل عن حقنا في أرضنا، فهي أرضنا وتابعة لبقاعصفرين وواقعة ضمن النطاق الجغرافي لها″.

وفي حين أوضح كرامي أنه ″تغليباً لصوت العقل والعقلاء، سننتظر 3 أيام قبل استكمال الأعمال في هذه البحيرة، وبعدها يبنى على الشيء مقتضاه″، أوضحت مصادر مقربة من كرامي أنه ″إذا انتهت المهلة ولم يتم الرجوع عن قرار توقيف العمل بمشروع بركة سمارة، فإن هناك خطوات تصعيدية ستنفذ، لن تتوقف حتى إعادة العمل بمشروع البركة، ولتتحمل الدولة مسؤوليتها″.


مواضيع ذات صلة:

  1. نزاع بقاعصفرين ـ بشري: لما لا تحسم الجهات الرسمية الأمر؟… عبد الكافي الصمد

  2. نزاع بقاعصفرين ـ بشري: فرض القانون أم فرض أمر واقع؟… عبد الكافي الصمد

  3. دركي أهان أطفالاً مرضى ونساء مسنّات على خط طرابلس ـ بيروت!… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal