متى سينتفض الشعب اللبناني؟… عزام ريفي

لم يعد مستغربا، أن لا شيء على وجه هذه الكرة الأرضية يمكنه استفزاز الشعب اللبناني، ويدفعه الى أن ينتفض من تحت ركام الظلم الذي يعيشه يوميا، والى أن يأخذ الأمور على محمل الجد من دون سخرية أو مزاح، ليواجه الأوضاع المتردية، كما تواجه كل شعوب العالم أي أزمة قد تطرأ على بلادها..

ثمة سؤال يجول في خاطر جميع اللبنانيين من دون أن يجدوا له جوابا، وهو: متى يمكن للبناني أن يستيقط من الغيبوبة التي تسيطر عليه، لكي يمتلك حق تقرير مصيره؟ خصوصا أنه بات يواجه إستعمارا جديدا ربما يكون أشد ظلما وأقوى فتكا، في بلد يعيش تحت جنح الظلام، وينعم بساعات معدودة من الكهرباء، ويعاني من أزمة نفايات تهدد بيئته وسلامة أبنائه، فيما الفقر يتوحش وكذلك البطالة التي تفتك بالناس وتضعهم تحت وطأة غلاء المعيشة والطبابة والتعليم، وما يزيد الطين بلة، هو عدم الإستقرار المالي والاقتصادي الذي بات يهدد أحيانا بتفلت أمني ما يؤدي الى هجرة أعداد كبيرة من العائلات، ومن الشباب أصحاب الكفاءات والطموح، الذين يبيعون إنتماءهم الوطني بتأشيره سفر يرون فيها مستقبل واعد وعيش وكريم.

صحيح أن اللبناني لا يُحسد على الحياة التي يعيشها، لكنه في الوقت نفسه يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية عن الوضع الذي وصل إليه، لجهة تهاونه بالمطالبة بحقوقه أولا، وصمته المطبق عن دولة لا تؤمن له أبسط مقومات العيش الكريم ثانيا، وتقديمه إنتمائه الطائفي والحزبي والسياسي على كل الأمور الحياتية الأخرى ثالثا، وعدم إعتماده المساءلة والمحاسبة رابعا، وقبوله خامسا في الاستحقاق الانتخابي أن يُساق الى صندوقة الاقتراع لانتخاب الزعيم أو السياسي الذي يعيش حياته على مراحل السنوات الأربع يشكو من تقصيره بحقه.

لا يبدو اللبناني مستعدا للقيام بأي إنتفاضة أو ثورة يحافظ فيها على ماء وجهه الذي جف من تقصير المسؤولين في الدولة بحقه، لا بل يبدو أنه مستسلم في حياته وحاضره ومستقبله وكرامته للسلطة، كونه أصبح أسيرا لظلها لا يملك سوى السمع والطاعة.

اللافت لا بل المستغرب أن اللبناني اليوم تهدر كرامته في شتى أوجه الحياة اليومية، من دون أن يحرك ساكنا، لا بل جل ما يفعله هو التعاطي مع بعض القضايا بسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى بات يصح القول أن اللبنانيين هم ثوار فايسبوك وتويتر، وعندما تشتد الأمور يعود كل منهم الى طائفته وتياره السياسي، متناسيا المآسي التي ترخي بثقلها عليه. 

لماذا لا يتعلم اللبنانيون من الشعب الأرجنتيني وقصته مع البيض؟ يوم اتخذ هذا الشعب ومن دون سابق تخطيط، أو رسائل ومن دون الإستعانة بوسائل التواصل الإجتماعي، قرارا بمقاطعة شراء البيض لأسابيع عدة، بسبب ارتفاع سعره 1 بيزو، الأمر الذي عاد بخسائر كبيرة لشركات البيض، مما دفعها الى الاعتذار من الشعب الأرجنتيني وتخفيض سعر البيض الى ربع سعره الأصلي.

هذه هي ثقافة شعب يتعامل حتى مع أسخف الأمور بطريقة ذكية، منطقية، وواعية، ويجب على أي شعب في هذا العالم أخذ العبرة منه، فالى متى سنظل نعيش تحت رحمة من لا يأبه بأحوالنا، ولا يدير وجهه وأذنه لنا الا في وقت الإنتخابات، ومتى سيُستفز الشعب اللبناني؟..


مواضيع ذات صلة:

  1. هنيئا لـ″بلاد الغربة″ بشباب وخريجي لبنان!… عزام ريفي

  2. طرقات طرابلس تضيق على السيارات.. أي عبقرية يعتمدها المعنيون؟… عزام ريفي

  3. الممثل التركي بوراك في لبنان.. الشعب فقد عقله؟..عزام ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal