دركي أهان أطفالاً مرضى ونساء مسنّات على خط طرابلس ـ بيروت!… عبد الكافي الصمد

قبل أيام، وبينما كان أحد باصات نقل الركاب يعمل على خط طرابلس ـ بيروت، يتبع لإحدى شركات النقل البري، أوقفه عنصر من قوى الأمن الداخلي في محلة يسوع الملك في منطقة جونية بتهمة خرق القانون، لأنه قام بالتوقف لإنزال الركاب وصعودهم في نقطة لا يحق له التوقف فيها.

عبثاً حاول سائق الباص إقناع عنصر الدرك، بعدما أبرز له أوراقه وأوراق الباص القانونية بأكملها، بأنه قد توقف لإنزال الركاب وصعودهم مثلما تفعل بقية الباصات الأخرى التي تعمل على الخط وسواه، حيث ينزل الركاب منها في المكان الذي يريدونه، ويصعدون إلى الباص من مكان هم يختارون أين يقفون فيه، وأنه أي السائق إتخذ يمين الطريق لإفساح المجال أمام السيارات خلفه، ولم يزعج أحداً.

لم يقتنع عنصر الدرك بما قاله له السائق، بل صعد إلى الباص لتفحصه وكأنه أوقف باصاً يحمل مطلوبين أو مواداً ممنوعة، من غير أن يبالي بكلام السائق عن أنه ليس من مسؤوليته ولا مسؤولية الشركة التي يعمل بها، تخصيص أماكن ومحطات لإنزال الركاب وصعودهم، فهذه مسؤولية البلديات أولاً، ثم إن الباص ليس قطاراً كي تكون له محطات محددة للتوقف والإنطلاق، بينما الباص يتوقف حسب حركة طلب الركاب منه للنزول أو الصعود.

رفض عنصر الدرك كل هذه التبريرات، وصادر أوراق السائق والباص معاً، وقال إنه سيوقف الباص بعد أن نظم محضر مخالفة بحقه، طالباً من الركاب النزول من الباص لأنه سيقوده إلى مرآب خاص بالسيارات والباصات المخالفة التي يتم توقيفها لأي سبب.

كان لقرار عنصر الدرك وقع الصدمة على السائق والركاب معاً. السائق قال له: ″كيف سأنزل الركاب في وسط الطريق، وفيهم نساء وكبار في السن؟″، رد الدركي بعجرفة: “هذا لا يهمني، إنزلوا من الباص”. توسلت إليه أمرأة بالرجوع عن قراره لأن إبنها مريض بالسرطان وعنده جلسة في مركز ″سان جود″ لعلاج الأطفال المصابين بهذا المرض، لكنه لم يأبه بها، وتوسلت إليه إمرأة كبيرة في السن بأنها لا تملك مالاً للإنتقال بسيارة أجرة إلى محطة شارل حلو حيث ينتظرها قريب لها لنقلها إلى داخل العاصمة، فرفض عنصر الدرك توسلها أيضاً، كما رفض كذلك إقتراح السائق بأن يوصل الركاب إلى محطة شارل حلو، بمواكبة امنية، وبعدها ليأخذوا الباص إلى حيث يريدون، لكن عنصر الدرك رفض ذلك أيضاً، وقال للسائق متوعداً: ″سوف أوقف الباص، وإذا كنت رجلاً أخرجه قبل شهر (الباص خرج بعد ساعتين)!″.

نزل الجميع من الباص الذي اقتيد إلى مرآب قريب، وساعد بعض الركاب آخرين لا يملكون مالاً بدفع بدل أجرة انتقالهم بسيارة إجرة إلى بيروت، وسط أجواء غضب بين الركاب من هذا الدركي الذي تصرف بشكل لا إنساني ولا حتى قانوني.

خلال هذه الفترة، حاول بعض الركاب الإتصال بضباط في قوى الأمن الداخلي للتوسط لديهم من أجل إقتاع الدركي بالعدول عن قراره، لكنه رفض الرد عليهم، كما أن هذا التصرّف جرى إبلاغ مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان به من أجل معالجته، واتخاذ الإجراء والتدبير اللازم بحق هذا العنصر الذي أساء إلى جهاز قوى الأمن الداخلي بأكمله، كما إلى مؤسسات الدولة.

ما جرى لم يكن خطأ، بل خطيئة وجريمة كبيرة إرتكبت بحق أطفال مرضى، ونساء مسنّات، يفترض أن أي قانون وُضع من أجل خدمتهم ومساعدتهم، لا أن يتركوا رهينة دركي متعجرف، وأن لا يمر ما اقترفه بلا محاسبة، وأن تكون معاقبته درساً لسواه كي لا يتكرر ذلك العمل الشائن مرة ثانية.


مواضيع ذات صلة:

  1. نشاطات بيئية لا تتوقف: نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً… عبد الكافي الصمد

  2. أحمد الحريري في الضنّية بخطاب جديد: راسخٌ أم طارئ… عبد الكافي الصمد

  3. حريق حرج السفيرة مرّ بأقل الأضرار: هل كان مفتعلاً؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal