أحمد الحريري في الضنّية بخطاب جديد: راسخٌ أم طارئ… عبد الكافي الصمد

أكثر من نقطة كانت لافتة في زيارة الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري الأخيرة، أول من أمس، إلى الضنية، في الشكل وفي المضمون، وفي الخطاب السياسي المستجد الذي طرأ عليه، والذي بدا مغايراً للخطابات والمواقف السابقة التي كان يطلقها خلال كل جولة كان يقوم بها في المنطقة.

وإذا كانت التطورات خلال السنوات الأخيرة في لبنان والمنطقة، والمتغيرات التي أفرزتها الإنتخابات النيابية الأخيرة وشهدت تراجعاً في شعبية وعدد نواب كتلة المستقبل، هي الأسباب الرئيسية وراء ″التغيير″ الذي ظهر على مواقف أمين عام التيار الأزرق، فإن تساؤلات عدة طرحت حول إنْ كانت هذه التغييرات جذرية ونابعة عن قناعة سياسية، أم أنها مرحلية وآنية، سرعان ما ستنهار ليعود الخطاب السابق الحاد والمرتفع السقف إلى الصدارة.

وفي هذا السياق يمكن التوقف عند أبرز ما لفت في زيارة الحريري الأخيرة إلى الضنية، والمواقف السياسية التي أطلقها منها، وهي:

أولاً: قال الحريري خلال احتفال تكريمي للحجاج أقامته منسقية التيار الأزرق في الضنية، إن “التحدّي الأكبر هو المحافظة على الإعتدال”. لكن هذا التحدّي كان تيار المستقبل من أوائل الذين سقطوا فيه في السنوات الأخيرة؛ إذ تكفي العودة قليلاً إلى الوراء لإظهار المواقف الحادة التي أطلقها تيار المستقبل، قيادة ونواباً ومنسقين كوادر ومناصرين، والتي كانت سبباً رئيسياً في إشعال الشّارع السنّي أو بعضه تحديداً، بكل أشكال التحريض والتطرف السّياسي والطائفي والمذهبي وحتى الشخصي، سواء في خلال الحملات التي تسبق الإنتخابات النيابية، أو عندما يصبح تيار المستقبل خارج السلطة، أو عندما يدبّ خلاف ما بين التيار الأزرق وأحد مكونات السلطة، سواء من الحلفاء أو الخصوم.

ثانياً: إنتقد الحريري من أطلق عليهم بسخرية وصف الفلاسفة، الذين استغربوا موقف الرئيس سعد الحريري من الإعتداء الإسرائيلي الأخير ضد لبنان، ما جعله يؤكد بصراحة على حدّ قوله، إن تيار المستقبل “هو تيار وطني وعروبي لا يمكن أن نتماهى مع أي اعتداء إسرائيلي، فإسرائيل هي إسرائيل في كل وقت وحين، مذكًراً بأن الرئيس الشهيد رفيق الحريري وإبان الإعتداءات الإسرائيلية كان المقاوم الأول على مستوى حراكه العالمي، وهو شرّع المقاومة لاسترجاع الأرض بعد اعتداء 1996.

يستخلص من ذلك أن تيار المستقبل يقف في خندق المقاومة، تاريخاً وحاضراً ومستقبلاً؛ لكن ماذا يمكن القول في خطابات ومواقف التحريض ضد حزب الله، ومعه النظام السوري، الذي كان الحريري يطلقه ضدهما في كل جولة في الضنية وسواها من المناطق اللبنانية، وكيف يمكن تفسير مواقف بعض النواب والقيادات الزرقاء الأخيرة التي تماهت بشكل واسع مع المواقف الإسرائيلية في اعتدائها الأخير على لبنان؟

ثالثاً: رعى الأمين العام للتيار الأزرق ممثلاً رئيس الحكومة سعد الحريري إفتتاح مدرسة رسمية في بلدة بقرصونا. لكن تبين أن هذه المدرسة لم تكتمل بعد، إذ ما يزال ينقصها تشييد سور وملعب وإنشاءات التدفئة المركزية في بلدة جردية يكون البرد فيها شتاءً قارساً، ما طرح تساؤلات حول الأسباب التي دفعت إلى افتتاح مدرسة قبل أن تجهز بشكل كامل، ولماذا يلاحظ أن تيار المستقبل يرعى أغلب الأحيان تدشين مشاريع لم تنجز بشكل نهائي؟

يضاف إلى ذلك تساؤل آخر، هو أن المدرسة أفرغت من طلابها عام 2003 بسبب تصدّع حصل في بنيانها بسبب زحل ضرب البلدة عامذاك. وقد استغرق إعادة تشييدها 16 عاماً، ما طرح تساؤلات أخرى، منها إذا كان بناء مدرسة إستغرق كل هذه السنوات، فكم يحتاج تشييد وافتتاح مشاريع حيوية أكبر وأضخم تحتاجها المنطقة؟.


مواضيع ذات صلة:

  1. حريق حرج السفيرة مرّ بأقل الأضرار: هل كان مفتعلاً؟… عبد الكافي الصمد

  2. إجتماع بعبدا اليوم: لمعالجة الأزمة الإقتصادية أم استعراضها؟… عبد الكافي الصمد

  3. لبنانيون يسعون للهجرة هرباً من بلدهم.. والدولة تتفرج… عبد الكافي الصمد


Post Author: SafirAlChamal