هل هو تجاذب أميركي ـ روسي حول ارثوذكس لبنان؟… مرسال الترس

يرى متابعون لتسلسل الاحداث الدراماتيكية في سوريا، ان روسيا بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين قد وضعت منذ بداية التطورات في العام 2011 الخطط للتدخل حين تدعو الحاجة، ولكن عندما استطاع الارهابيون احتلال بلدة معلولا شمال العاصمة دمشق (وهي تُعتبر إحدى الرموز المهمة للوجود المسيحي في الشرق، إذ إن العديد من سكانها ما زالوا يتكلمون اللغة الآرامية التي كان ينطق بها السيد المسيح، ويورثونها لابنائهم) وبدأوا بدعوة الاهالي لاعتناق الديانة الاسلامية، لاحت فوق الكرملين فكرة احتضان المسيحيين في الشرق ولاسيما منهم الارثوذكس الذين يمتون اليها بصلة كبيرة.

ولأن السياسة ما دخلت شيئاً الا أفسدته، فان الصراع على مركزية القرار في القرن الرابع للميلاد أدّى الى انقسام الكنيسة الام الى غربية تحت سلطة البابا في الفاتيكان، وشرقية يرأسها بطاركة اورثوذكس توزعوا على تسع بطريركيات تتمتع باستقلالية عن بعضها البعض وتتقدمها بطريركية القسطنطينية عند حصول أي لقاء جامع، مع عدم إغفال الانسجام الروحاني فيما بينها.

وفي عصرنا الحالي لم يتبدل جوهر التدخلات السياسية الهادف الى تحجيم الدول عن طريق تفتيت المجتمعات، وها هو الغرب حث وساند منذ سنتين  كنيسة اوكرانيا على الانفصال عن بطريركية موسكو ونجح في ذلك على ضوء التناحر على الجغرافيا الذي أدّى الى اقتطاع اجزاء من أراضي اوكرانيا لصالح روسيا الاتحادية.

وذاك الغرب نفسه وضع على ما يبدو التوجهات والاستراتيجيات من اجل إنفصال الكنيسة الارثوذكسية اللبنانية عن بطريركية انطاكية وسائر المشرق التي تتخذ من دمشق مقراً لها، الأمر الذي كشفه الرئيس السوري بشار الاسد في خضم الحرب الكونية على بلاده ولفت وفداً روسياً رفيع المستوى الى ما يتم التحضير له، ما دفع بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس يوحنا العاشر اليازجي للقيام بزيارة استثنائية الى بطريركية موسكو والتنسيق لمواجهة أية خطوة غير محسوبة وقطع الطريق عليها.

وزادت الشكوك لدى المعنيين مما يتم السعي اليه، بعد إقدام راعي ابرشية بيروت للروم الارثوذكس المطران الياس عودة على حركة غير متوقعة تمثلت باتخاذ قرار بانشاء جامعة للابرشية تحت اسم القديس جاورجيوس وقد استطاع تحقيق ذلك من خلال نافذين في السلطة كوّنوا على ما يبدو فريق عمل هدفه إحداث لوبي داخل الطائفة ينفذ سياسات معينة، معظم افراده لديهم ثقافة اميركية ويمتون بصلات حميمة مع ما كان يُعرف بفريق 14 آذار لا بل أن بعضهم كانوا من أركانه. مع العلم ان البطريرك الراحل اغناطيوس الرابع هزيم عندما رعى إنطلاق جامعة البلمند نهاية ثمانينات القرن الماضي كان يتكئ الى كونها تمثل جامعة الارثوذكس في لبنان. ولذلك بات طلاب كلية الطب في البلمند وما يمت اليهم بصلة الذين يحصلون على تعليمهم وكسب خبراتهم في مستشفى القديس جاورجيوس في بيروت التابع للابرشية أمام أزمة فعلية.  

 وبانتظار تكشّف الخيط الابيض من الاسود سيسعى كل فريق لتثبيت توجهاته ريثما تتوضح صورة التطورات الاقليمية والدولية التي تحمل تيارات متناقضة، الامر الذي سيجعل كثيرين امام خيارات غير مريحة اذا لم نقل مبكية!..


مواضيع ذات صلة:

  1. باسيل يُقصي نفسه.. تناقض أم تكتيك سياسي؟… مرسال الترس

  2. عندما تصطدم التمنيات بالاستراتيجيا!… مرسال الترس

  3. أين هي الاصنام التي انتقدها البطريرك الراعي؟… مرسال الترس


 

Post Author: SafirAlChamal