الحكومة تقرّ خطتها العشرية لأزمة النّفايات.. وُلدت ميتة… عبدالكافي الصمد

أقر مجلس الوزراء، في جلسته التي عقدت أمس، خطة النفايات العشرية التي تمتد حتى عام 2030، الأمر الذي دفع وزير البيئة فادي جريصاتي لأن يصف الخطوة الحكومية بأنها ″خبر سار″ للبنانيين، مؤكداً ″أننا كدولة وكحكومة سنتحمل مسؤوليتنا، وسنفرض الحلول″.

لكن إقرار الخطة لا يعني بالضرورة أن أزمة النفايات التي تفاقمت في الأشهر الأخيرة في أكثر من منطقة لبنانية قد وضعت على سكّة الحل، وأن الخطة ستوضع موضع التنفيذ، بعدما تبين أن ثمّة نقاطاً كثيرة ما زالت عالقة تحتاج إلى توضيح وشرح.

وأبرز هذه النقاط يمكن تلخيصها بالتالي:

أولاً: بغرابة شديدة أعلن جريصاتي أن بنداً واحداً في الخطة لم يقر بعد، وهو بند يتعلق بالأحكام المالية أو استرداد الكلفة التي تحتاج إلى دراسة أكثر، موضحاً أنه تم الإتفاق على أن تأخذ وزارة المالية ووزارة البيئة مهلة شهر، وسيتم تشكيل لجنة لكي نستطيع الإنتهاء من الدراسة المالية.

كلام جريصاتي يعني ببساطة أن الخطة أقرت ناقصة، أو جرى تعليق إقرارها إلى حين إنجاز دراسة بند يعتبر الأهم فيها، ما طرح أسئلة حول كيفية إقرار خطة بهذا الحجم والأحكام المالية فيها غير منجزة بعد، ولماذا التكتم على التكلفة المالية للخطة التي قيل إنها تقترب من مليار دولار أميركي. فكيف يمكن لبلد شبه مفلس ومهدد بإنهيار إقتصادي أن يتحمل هكذا تكلفة، كما أن إحالة هذا البند إلى لجنة لتدرسه لا يطمئن، لأن التجارب السابقة علمت اللبنانيين أن اللجان هي مقبرة المشاريع.

ثانياً: جواباً على سؤال يتعلق بالمطامر، قال جريصاتي إنه ليس هناك جواب نهائي، مشيراً إلى أنه “أعطينا مهلة شهر لكي تتم العودة إلينا من السلطات المحلية، أي البلديات واتحادات البلديات والمحافطين بمساعدة وزارة الداخلية لإيجاد البدائل، موضحاً أنه “لم نقل أن المواقع التي عرضناها نهائية وليست قابلة للتغيير”، ومعتبراً أنه “قدمنا مواقع، ومن يريد الإعتراض، عليه تقديم البديل.

هنا يطرح سؤال جوهري، هو كيف يمكن الركون إلى أن خطة النفايات قد أقرت فعلياً في جلسة مجلس الوزراء يوم أمس، إذا كانت كل هذه النقاط، حول مواقع المطامر واقتراحات السلطات المحلية، ما تزال معلقة. أليس كان من الأجدى القول إن جلسة الحكومة أمس هي لدراسة خطة النفايات لا إقرارها، والخروج بهكذا خطة هزيلة يبدو أنها وُلدت ميتة.

ثالثاً: أشار جريصاتي، بما يتعلق بمواقع مطامر النفايات، إلى أنه “إتفقنا على بعض المواقع وهناك ملاحظات على البعض الآخر. في النهاية، كما أننا لا نقبل الأمن بالتراضي لن تكون هناك بيئة بالتراضي، الدولة يجب أن تحسم الموضوع”.

يستنتج من كلام جريصاتي أن بعض مواقع المطامر يوجد عليها ملاحظات؛ إذاُ، كيف أقرت الحكومة خطة النفايات؟ أما بخصوص كلامه حول رفضه وجود “بيئة بالتراضي”، فهل يمكن له أن يفسر كيف لم تستطع الحكومة ووزارته معالجة موضوع النفايات المزمن بسبب رفض مناطق إقامة مطامر النفايات عندها، وأن عدم رضاها على ذلك أبقى مشكلة النفايات تراوح مكانها، وجعل الحكومة تنزل عند خاطر هذه المناطق وتتراجع عن قراراتها؟

رابعاً: أشار جريصاتي إلى أنه “نحن بحاجة إلى أربع أو خمس سنوات لكي يصبح التفكك الحراري جاهزاً، وسنستمر في السنوات المقبلة من خلال المعامل الموجودة”، إلا أن المعامل الموجودة لا تلبي المطلوب، وفي هذه الحالة كيف ستعالج الحكومة ووزارة البيئة أزمة النفايات المتراكمة طيلة هذه الفترة الزمنية؟

خامساً: أعلن جريصاتي، بما يتعلق بموضوع التفكك الحراري، أنه “تم التوافق على موقعين، الأول في بيروت والثاني في دير عمار، ولا يزال هناك موقع في جنوب بيروت لم يتم التوافق عليه، وتم إعطاء مهلة أسبوعين لحركة امل وحزب الله ليقدموا لنا الإقتراح الأنسب لهذا الموقع”.

هنا تطرح أسئلة أخرى أيضاً على جريصاتي والحكومة: هل وزارته والحكومة هي من تختار الأماكن الأنسب لمواقع التفكك الحراري أم مرجعيات هذه المنطقة أو تلك، وإذا كانت الحكومة قد اختارت موقعين في بيروت ودير عمار على هذا الأساس، فهذا يعني أن المرجعية السياسية في هاتين المنطقتين، وهي تيار المستقبل، قد وافقت على اختيارهما.


مواضيع ذات صلة:

  1. هل تقر الحكومة اليوم محرقة دير عمار، وكيف سيكون الردّ؟… عبد الكافي الصمد

  2. بعد ″سقوط″ الفوّار وتربل.. هل يكون حلّ مشكلة نفايات الشّمال في ديرنبوح؟… عبد الكافي الصمد

  3. الحريري وأزمة النّفايات: تخبط وتضارب في المواقف!… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal