عميد المراسلين في تظاهرة المحررين.. نعيم عصافيري الصورة والذاكرة… بقلم د. جان توما

هذه عصاي، أتوكّأ عليها كي أبقى حاملًا ″نهارات″ السنين وسلال وريقات حصاد أيام التراسل كتابة باليراع والورق من طرابلس والشمال إلى بيروت.

نعيم عصافيري دفتر ذكريات المراسلين في طرابلس والشمال. شاهد على عصره.عارف بالخفايا والمفاصل. كاتم أسرار كبار. صامت وصمته ناطق. أمين على المجالس.

هذه عصاه اللطيفة، بها هشّ على مدّعيّ السلام وفي يمينهم بندقية. عرف اللطفاء ومحبي الوطن فكان لهم صديقًا صدوقًا ورفيقًا موثقًا قابلًا لكلّ اختلاف أو تمايز. عرف أنّ مجتمع طرابلس لن يبقى حيّا إن انقطعت شرايين اتصاله وتواصله مع الأقضيّة المجاورة. مدّ شبكة علاقات وافية وصادقة مع كثيرين في الشمال ولبنان حتّى صار نعيم عصافيري نعيمًا لعصافير أتقنت التّغريد على أوراق الصحف قبل أن تحتجب برصاص القنص التكنولوجي.

عاصر نعيم عصافيري القلم والورقة وأضاف إليهما الصورة الّتي كان يبرع في التقاطها للتعبير عن موقف أو لاختصار بيان طويل عريض. عرف نعيم عصافيري مدى الصورة وتأثيرها فكان لها بكلّيته. اكتشف نفسه في الصورة والتقى الآخر فيها حين راح المسؤولون يبحثون عن صورة الوطن، ونسوا أنّ مجموعة الصور متوافرة في قلب النّعيم ومن عاصره من عسكر التراسل الصحفي، في زمن لا تقع فيه على انترنت أو حتّى على حمام زاجل، بل اتّكلوا على الأيدي القابضة على قلبها تنقّلًا زمن الحرب كما مع بهاء المقدم ومنيف رستم وغيرهما.

لم يبق لنعيم عصافيري، في هذا الزّمن، غير الذّاكرة يستعيد فيها صورًا بعدستي عينيه مستذكرًا قصصه الصحافية ورواياته المتعدّدة. ماذا يقول نعيم عصافيري وهو يمرّ مع عصاه أمام تمثال الشهداء؟ لن نعرف ماذا قال للتمثال؟ أكلّنا في الماسأة واحد؟ ألعلّ الهمّ جامعنا؟ أيحسدهم لأنّهم يتكئون على بعضهم البعض فيما هو يتكىء على عصاه؟

يبقى نعيم عصافيري في اشتراكه بتظاهرة المحررين الثلثاء الماضي حكاية مواطن لا يتوقّف عن المطالبة من “دبدبته” على أربعة أطراف إلى اتكائه على ثلاثة.

تمضي الأيام مُتْعِبَةٌ ووحده نعيم عصافيري ما زال يستند بشوق، في أعوامه الطويلة المباركة، إلى عصا السّلطة الرّابعة أو سلطة مهنة البحث عن المتاعب.

Post Author: SafirAlChamal