بين تطييف النفايات وفشل الدولة.. الأزمة مستمرة… غسان ريفي

لم يكن ينقص لبنان سوى تطييف نفاياته وتصنيفها بين إسلامية ومسيحية، وتأليب أبناء الوطن الواحد على بعضهم البعض على خلفية رميها والتخلص منها وإيجاد المكبات أو المطامر لها، وإحياء غرائز وعصبيات ليست في مصلحة أحد.

ليست القضية في طائفة النفايات، فثمة أقضية كثيرة تضم أكثر من طائفة وأكثر من مذهب وكلهم ينتجون نفايات يومية، وليست القضية في إختيار المناطق لانشاء المطامر أو المكبات، بل هي في قصور الدولة عن إيجاد الحلول الناجعة لأزمة النفايات التي باتت تهدد باجتياح لبنان من أقصاه الى أقصاه، وفي إستخدام الطائفية والمناطقية لتغطية الفشل من جهة، أو للضغط من أجل تمرير صفقات ومشاريع تحقق مكاسب وأرباح لبعض النافذين من جهة ثانية.

لا يمكن لوزارة البيئة أن تحل أزمة النفايات بقرارات إرتجالية ومتسرعة تحت شعار التخلص من تراكمها في الشوارع، ولا يمكن لها أن تفرض بالسياسة مكبا هنا أو مطمرا هناك بمجرد العثور على أرض نائية أو منطقة بعيدة عن السكن، فالأمر يحتاج الى دراسات للأثر البيئي بكل مندرجاته من إتجاه الرياح الى المياه الجوفية الى التأثيرات المباشرة وغير المباشرة على السكان قبل إتخاذ أي قرار بهذا الشأن.

اللافت أن وزارة البيئة تصر على ″وضع العربة قبل الحصان″، فهي تختار أرض المطمر بتوافق سياسي وأمني، ومن ثم تسعى الى إقناع الأهالي بأنه لن يؤدي الى إلحاق الضرر والتلوث بهم، وهكذا كان في إقتراحيّ منطقتي الفوار وتربل شمالا لاستقبال نفايات أربعة أقضية (الضنية، بشري، زغرتا والكورة) قبل أن يُسقط الأهالي الاقتراحين في الشارع بعد تحركات كادت أن تؤدي الى ما لا يحمد عقباه، في وقت كان على وزارة البيئة أن تختار أرض المطمر وفقا لدراسات فنية وعلمية وبناء على توافق بيئي لتطمين الناس الى مستقبل بيئتهم، خصوصا أن كل التجارب السابقة لم تكن مشجعة، لجهة تحول المؤقت الى دائم، والمطامر الى مكبات عشوائية تشوه المشهد العام وتلوث البيئة وتعيث فسادا بالمياه الجوفية.

لا يليق ببعض المسؤولين اللبنانيين أن يتلطوا بالطائفية والمذهبية لتبرير فشلهم في إدارة ملف النفايات، كما لا يليق بهم تحريض الناس على بعضهم البعض تحت حجة أن أحدا لا يريد نفايات أحد، كما أن اللهجة المرتفعة وإطلاق الاتهامات، وتحميل المسؤوليات، والتنكيت وإعتماد مبدأ السخرية أحيانا، كل ذلك لن يبدل من حقيقة الأمر وهو أن إنعدام ثقة المواطنين بالدولة هو الذي يدفعهم الى الاعتراض والرفض، لقناعتهم بأن ما يحصل هدفه تحقيق الارباح والمكاسب وليس تأمين مصالح الناس والحفاظ على سلامتهم.

من هذا المنطلق وفي ظل تفاقم أزمة النفايات، لم يعد أمام الدولة ووزارة البيئة سوى إعتماد اللامركزية، من خلال قيام إتحادات البلديات في كل قضاء بايجاد مطمر صحي مؤقت ضمن الأراضي التابعة له، ونقل النفيات المتراكمة في الشوارع إليه والبدء بمعالجتها الى أن تخرج الدولة ووزارة البيئة من حال التخبط والارتباك الى وضع إستراتيجية علمية وفنية متقدمة للتخلص من النفايات في كل لبنان، علما أن إتحادات البلديات ستواجه حتما معارضة كبرى من أهالي البلدة التي سيكون المطمر ضمن أراضيها، فإذا كان البلدات المتجاورة في قضاء واحد ترفض إستقبال نفايات بعضها البعض، فكيف يمكن لمنطقة واحدة أن تستقبل نفايات أربعة أقضية وربما أكثر..


مواضيع ذات صلة:

  1. مخاوف من التصنيف الائتماني للبنان.. نحاس: الله يستر… غسان ريفي

  2. أزمة مطمر تربل.. هي عدم الثقة بالدولة!… غسان ريفي

  3. كتلة الوسط المستقل تواجه فرض مطمر تربل على الأهالي.. وتساهم في تجميده… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal