المطار يشهد هجرة لبنانية غير مسبوقة: يومٌ تاريخي أم كارثي؟… عبد الكافي الصمد

إنه ″يوم الحشر″. هكذا وصف بعض اللبنانيين وضع مطار بيروت الدولي يوم الجمعة الفائت، نظراً لتدفق آلاف اللبنانيين إلى المطار في طريقهم لمغادرة لبنان نحو الخارج، ما جعل وزيرة الداخلية والبلديات ريّا الحسن تصف ذلك اليوم بأنه ″يوم تاريخي″، لأنه سجّل أكبر عدد من المسافرين الذين يغادرون لبنان في يوم واحد، بعدما وصل عددهم إلى نحو 23 ألف مسافر دفعة واحدة.

هذا الرقم لم يتوقف عنده كثيرون، إذ جرى التعاطي معه سطحياً، مثل أن حركة المطار جيدة، وأن الإجراءات المتبعة فيه أسهمت في إنجاز معاملات المسافرين بسرعة، وأن المغادرين هم من اللبنانيين الذين انتهت فترة إجازاتهم الصيفية وغادروا إلى مراكز عملهم بالخارج، وغيرها من التبريرات التي حاولت التغطية على نزف بشري يتكبده لبنان، ويجعل الآلاف من أبنائه يحزمون حقائبهم متوجهين إلى الخارج بحثاً عن لقمة عيشهم وتأمين مستقبل أفضل.

وغاب عن بال المسؤولين، سهواً أو قصداً، أن إجازات اللبنانيين ممن يعملون في الخارج لم تنته بعد، وبالتالي فإن المغادرين ليسوا من المغتربين الذين يأتون سنوياً إلى لبنان، بل هم من أبنائه الذين يغادرونه، ربما، لأول مرة، بعدما سدّت أبواب المستقبل في وجههم.

وإذا كان أغلبية المغادرين من اللبنانيين، فإن السؤال الذي يطرح: أين هم السيّاح الذين وعدنا المسؤولون أنهم سيأتون إلينا هذا العام، خصوصاً من دول الخليج، وأنهم سيصلون إلى مليوني سائح، ما سينشّط قطاع السياحة ويدعمون الإقتصاد الوطني، قبل أن يتبين أن أغلب من جاء إلى لبنان هم من أبنائه المغتربين الذين أتوا لزيارة أقاربهم وعائلاتهم بالمقام الأول.

خلال شهر تموز الماضي نشرت “الدولية للمعلومات” أرقاماً غير مطمئنة عن هجرة اللبنانيين إلى الخارج، أظهرت أنه خلال العام 2018 غادر 34 ألف لبناني بلدهم ولم يعودوا إليه، وهو رقم يزيد عن عام 2017 الذي هاجر فيه 18 ألف لبناني بلدهم بشكل نهائي، و11 ألفا غادروه في العام 2016 من غير عودتهم إليه، ما يعني أن هذا النزيف البشري هو في ارتفاع مستمر، وهو إنعكاس طبيعي للأوضاع الإقتصادية والإجتماعية التي يعيشها لبنان، ومؤشر خطير إلى المستقبل، خصوصاً وأن أكثرية المغادرين هم من الفئات الشّابة.

هذه الأرقام تتلاقى مع أرقام صادمة نشرتها الدولية للمعلومات أيضاً في دراسة لها مطلع هذا العام، أشارت فيها إلى أنه غادر لبنان منذ العام 1992 من دون عودة إليه حتى نهاية العام الماضي، 600 ألف لبناني، أي بمعدل 22.300 شخص سنوياً.

يوم الجمعة الماضي، الذي اعتبرته الوزيرة الحسن يوماً تاريخياً، غادر لبنان 23 ألف شخص، أي أن من غادروه في الأعوام السابقة في سنة غادروه الأسبوع الماضي في يوم واحد!

هل هناك مِن المسؤولين اللبنانيين مَن يقرأ جيداً هذه الأرقام الخطيرة، وهل تعي الدولة اللبنانية أنها تُفرّغ البلد من شبابه وتسلّمه للمجهول، وماذا فعلت الحكومة اللبنانية لوضع حدّ لهذا النزف الذي يهدد لبنان في حاضره ومستقبله ويجعل مصيره مجهولاً؟..


مواضيع ذات صلة:

  1. تشييع حسين الفشيخ.. عرس الشهادة من الضنية الى القدس… عبد الكافي الصمد

  2. تيّار المستقبل يغرق في التناقض .. من الفوّار إلى تربل… عبد الكافي الصمد

  3. حسين الفشّيخ: ضريبة جديدة للهجرة… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal